الأحد، 3 يونيو 2012


الخبرة

تعريفها وماهيتها

الخبرة وسيلة علمية وفنية للبحث عن ألادلة وتقديرها يقوم بها أهل الفن والصنعة وألاختصاص ممن يختارهم القضاء لإبداء رأيهم في مسألة فنية تتعلق وقائع الدعوى . ويعتبر التقرير الفني للخبير دليلاً في ألاثبات يخضع لتقدير القاضي مثل بقية ألادلة .

ولقد تقدمت الخبرة بتقدم المعارف والعلوم المختلفة وبتطور أساليب الجريمة والمجرمين ,مما دعا بعض أنصار المدرسة الوضعية إلى القول بإحلال الخبراء محل المحلفين الشعبيين أو حتى محل القضاة .

والخبرة متنوعة ,فمنها الخبرة الطبية والمحاسبية والكيميائية والعقارية والمتصلة بمضاهاة الخطوط .. الخ .

وقد يكون موضوعها جسم الجريمة : كفحص جثة المجني عليه 

أو يكون موضوعها آثار الجريمة : كالبصمات والصور والرسوم 

أو يكون موضوعها شخصية المتهم وحالته الصحية والنفسية والعقلية 



اللجوء إلى الخبرة 



القاضي شخص متخصص بالعلوم القانونية , ويفترض به سعة ألاطلاع بالعلوم ألاخرى . بيد أن تعقد وتعدد هذه المعارف والعلوم جعل إلمام شخص واحد بها أمرا مستحيلاً . فكان لابد للقاضي ان يستعين في كل مسألة فنية بخبرة أهل الفن والصنعة في مختلف أنواع المعارف وألاختصاص .

هل اللجوء إلى الخبرة أمر إلزامي ؟؟

القاعدة انه يجوز للقاضي ان يندب خبيراً أو أكثر من تلقاء نفسه أو بناء على طلب من احد الخصوم . فألاستعانة بالخبراء أذن أمر متروك لسلطة وتقدير القاضي التي لا تقع تحت رقابة محكمة النقض , فهو خبير الخبراء أو الخبير ألاعلى , خاصة أذا ما تعلق الطلب بوصف أمور واضحة في ذاتها , فللقاضي مطلق الحرية في ان يقرر بنفسه الحقيقة التي يقتنع بها من المشاهدات وألادلة ألاخرى 

وبناءً على ذلك يجوز للقاضي ان يرفض طلب اللجوء إلى الخبرة بشرط ان يكون هذا الرفض معللاً

ومع ذلك فأن القاضي يصبح ملزماً باللجوء إلى الخبرة كلما تعلق ألامر بمسألة فنية بحتة .

وتأسيساً على ذلك حكمت محكمة النقض بأن((الخبرة مهمة علمية وفنية تعمد المحكمة اليها كلما وجدت نفسها امام مشكلة تستدعي معرفة خاصة ودراسة دقيقة ليكون ذلك اقرب إلى ألاطمئنان وابعد عن الريبة ولها ان تستعين بالخبراء من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب من احد الخصوم أذا رأت في ذلك ما يساعد على اكتشاف الحقيقة وينير أمامها السبيل لفصل الدعوى وليس لها ان تستغني عن إجراء الخبرة ألا أذا تأكد لديها أنها غير منتجة في الحكم كما وانه ليس لها ان تقضي بأمور فنية وعلمية لا يستوي في معرفتها ذوي ألاختصاص مع غيرهم بل عليها ان تستعين بالخبراء في كل علم لتحقيق ما هو داخل ضمن اختصاصهم ))



أحكام الخبرة 

لم يفصل المشرع في قانون أصول المحاكمات الجزائية قواعد الخبرة , بل أتى على ذكرها عرضاً في ثلاث مواد 39, 40 ,41 , بمناسبة حديثه عن وظائف النيابة العامة في حالة الجرم المشهود , فهل يعني ذلك الرجوع إلى القواعد الواردة في القانون رقم 359 بشأن البينات في المواد التجارية والمدنية لعام 1947 وفي القانون رقم 42 بشأن الخبراء وألاختصاصيين لعام1979 ؟؟

ذهب بعض الفقهاء في هذا ألاتجاه 

ولكن الرأي السليم يقر بأن العودة إلى أحكام هذين القانونين جائز فيما لا يتعارض مع قواعد وأهداف قانون أصول المحاكمات الجزائية 

وهو ألاتجاه الذي اعتنقته محكمة النقض 



تعيين الخبراء

ينعقد الرأي على أن الخبرة عمل من أعمال التحقيق ألابتدائي والنهائي , وان كان المشرع لم يشر إليها ألا في معرض حديثه وظائف النيابة العامة في أحوال الجرم المشهود 

1- في مرحلة التحقيق ألاولي :

يحق للنيابة العامة ولبقية موظفي الضابطة العدلية ألاستعانة بالخبراء عند قيامهم بوظيفة التحقيق ألاولي . لكن الخبرة في هذه ألاحوال لا تعتبر دليلاً قضائياً يمكن ألاستناد اليه في إصدار ألاحكام . وكل ما هنالك ان النيابة العامة تلجأ إلى الخبرة لتقرر فيما أذا كان من المناسب أقامة الدعوى العامة أو عدم اقامتها لذا فأنه ليس له ان تحلف الخبير اليمين القانونية .

2- في مرحلة التحقيق ألابتدائي

يجوز للنيابة العامة ولموظفي الضابطة العدلية في حالة الجناية المشهودة , تعيين خبير أو أكثر من أرباب الفن والصنعة حين يتوقف تمييز ماهية الجرم وأحواله على معرفة بعض الفنون والصنائع (المادة 39) كما يجوز ان تستعين هذه الجهات بطبيب أو أكثر في حالة أذا مات شخص قتلاً أو بأسباب مجهولة باعثة على الشبهة , لتنظيم تقرير بأسباب الوفاة وبحالة جثة الميت (المادة 40 ) .

واللجوء إلى الخبرة في حالة الجناية المشهودة ,لا يعتبر عملاً من أعمال التحقيق ألاولي بل عملاً من أعمال التحقيق ألابتدائي تحل فيه النيابة العامة أو الضابطة العدلية محل قاضي التحقيق لذا كان لابد من تحليف الخبير اليمين القانونية ( المادة41) قانون أصول المحاكمات الجزائية , وتعتبر الخبرة في هذه الحالة دليلاً قضائياً يجوز للمحاكم ألاستناد أليه لإصدار أحكامها .

إما قضاة التحقيق وألاحالة فلهم اللجوء إلى الخبرة وتعيين الخبراء في جميع ألاحوال سواء أكانت الجرائم مشهودة أم غير مشهودة , ويستقى هذا الحق بصورة غير مباشرة من نص المادة (52) من القانون ومن القواعد العامة للتحقيق ألابتدائي 



3- في مرحلة التحقيق النهائي :

القاعدة : انه يجوز للمحاكم تعيين الخبراء وأن لم ينص القانون على ذلك , وهذا الحق معقودً لها سواء أكانت سلطة التحقيق ألابتدائي لم تلجـأ إلى الخبرة أم أنها لجأت لكن المحكمة وجدت أنها غير كافية فقررت تجديدها , فالمادة 175 , تنص ( على انه تقام البينة في الجنايات والجنح والمخالفات بجميع طرق ألاثبات ويحكم القاضي حسب قناعته الشخصية )) تعطي الحق لجميع الدوائر القضائية في استخدام كل الطرق الممكنة ومنها الخبرة .

ويختار القاضي الخبير ممن يجد فيه العلم والكفاءة وألاخلاق للقيام بهذه المهمة سواء أكان سورياً أم أجنبيا 

وتجدر ألاشارة هنا إلى انه لا يجوز قانوناً ان يكون وكيل المدعى عليه الذي يمثله ويدافع عنه خبيراً بقضية تتعلق بمصلحة موكله لوجود المصلحة الظاهرة , وبما أن لرأي الخبير قيمة أدبية أمام المحكمة فأنه يجوز رده في ألاحوال التي يجوز فيها رد القضاة 



واجبات الخبراء وحقوقهم

1- على الخبير ان يقسم قبل مباشرة العمل يميناً بأن يقوم بالمهمة الموكولة إليه بشرف وأمانة , وبدون هذا ألاجراء الجوهري تنحصر عن تقريره قيمة الدليل القانوني , وينقلب إلى مجرد رأي تستعين به المحكمة على سبيل المعلومات ليس ألا .

2- على الخبير ان يعمل تحت إشراف القاضي أو من ينتدبه من القضاة ولكن يجوز ان يؤدي مهمته بغير حضور احد 

3- وللخبير أن يستعين في أداء مهمته بمن يشاء من أهل الخبرة وألاختصاص 

4- وعليه ان يقدم تقريراً بنتائج خبرته وذلك في الميعاد الذي يحدده له القاضي الذي أوكل له المهمة , وألا جاز استبدال غيره به 

5- يتقاضى الخبير مقابل اتعابه وفقاً لما يقرره القاضي .



قيمة الخبرة 

القاعدة : أن تقرير الخبير ما هو ألا رأي استشاري غير ملزم للمحكمة , وهو يعد كجملة ألادلة المعروضة أمامها تابع للمناقشة والتمحيص وخاضع في النهاية إلى تقديرها وقناعتها , فلها ان تطرحه أذا لم تطمئن إلى صحته وتأخذ بدليل أخر يرتاح إليه ضميرها وتعتمد عليه في قناعتها , فإذا ما ذهبت خلافاً لرأي الخبير وجب عليها ان تبين ألاسباب التي أوجبت إهمال هذا الرأي .

وتبعاً لذلك يجوز للمحكمة أن تجزئ الخبرة بأن تأخذ من تقرير الخبير بالقدر الذي تقتنع بصحته على ان تعلل ذلك . كما لها ان تأخذ بتقرير الخبير الذي عينته سلطة التحقيق ألابتدائي وتلتفت عم جاء في تقرير خبير أخر كانت قد عينته هي أثناء المحاكمة . 

اما أذا انصب موضوع الخبرة على مسألة فنية بحتة لا تستطيع المحكمة تقديره بنفسها , فأن رفضها لهذه الخبرة يجب ان يستند إلى خبرة فنية أخرى حتى يتسنى لها الرجوع عن إحدى الخبرتين , إذ ان الخبرة في هذه الحالة لا تدحض ألا بخبرة مماثلة .

ويجوز أخيرا للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب احد الخصوم أن تستدعي الخبير للمثول أمامها وشرح ما ورد في تقريره


http://alsarab-law.own0.com/t134-topic

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق