الأحد، 3 يونيو 2012

مجلس الامن

مجلس الأمن Security Council 


يُعَدّ مجلس الأمن من الأجهزة التي لها أهمية خاصة دون مختلف أجهزة الأمم المتحدة. وتنبع أهميته من المسؤوليات الملقاة على عاتقه، من قِبَل الهيئة، في المحافظة على السلم والأمن الدولييْن، والصلاحيات الواسعة المٌخَوَّلة له لتحقيق هذه المسؤولية. 

أولاً: عضوية مجلس الأمن: 

يتشكل مجلس الأمن من خمسة عشر عضواً من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة منها 5 أعضاء دائمين، هم: "جمهورية الصين، وفرنسا، وروسيا الاتحادية، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية" (اُنظر صورة مجلس الأمن). 
ومما هو جدير بالذكر أن اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية كان عضواً مؤسساً للأمم المتحدة منذ 24 أكتوبر 1945. وفي خطاب مؤرخ بتاريخ 24 ديسمبر 1991 أبلغ بوريس يلتسن (Boris Nikolayevich Yeltsin)، رئيس روسيا الاتحادية، الأمين العام للأمم المتحدة أن عضوية الاتحاد السوفيتي في مجلس الأمن، وفي كل أجهزة الأمم المتحدة الأخرى، سوف تستمر من خلال روسيا الاتحادية، وبدعم من الدول الأعضاء الإحدى عشرة في رابطة الدول المستقلة (Commonwealth of Independent States) التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفيتي. 
أما بقية الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن (الدول العشرة غير الدائمة العضوية)، فينتخبون من قبل الجمعية العامة لمدة سنتين، كما في المادة (23) الفقرة (2). "ينتخب أعضاء مجلس الأمن غير الدائمين لمدة سنتين ... والعضو الذي انتهت مدته لا يجوز إعادة انتخابه على الفور". 
ويراعى في عملية الانتخاب التوزيع الجغرافي العادل؛ حيث توزع مقاعد الدول الأعضاء العشرة غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن على النحو التالي: 
1. خمسة مقاعد للدول الأفريقية والآسيوية. 
2. مقعدان لدول أمريكا اللاتينية. 
3. مقعدان لدول غرب أوروبا والدول الأخرى. 
4. مقعد لدول أوروبا الشرقية. 

ثانياً: إدارة مجلس الأمن


يعقد مجلس الأمن اجتماعات دورية ويُمَثل كُل عضو من أعضائه بمندوب واحد. ولتحقيق الفاعلية والسرعة في أداء مهامه يتواجد مندوبو مجلس الأمن، بصفة مستمرة، في مقر المنظمة في نيويورك. وذلك لتحقيق مبدأ "الاستمرارية" الذي يُعَدّ المحرك الرئيسي لإدارة مجلس الأمن، طبقاً لما ورد في المادة (28) الفقرة (1) "يُنَظَّمُ مجلس الأمن على وجه يستطيع معه العمل باستمرار". ويتم اجتماع المجلس بناءً على دعوة من رئيسه. ويختار مجلس الأمن في كل شهر رئيساً للمجلس بالدور، طبقاً للحروف الأبجدية لأسماء الدول الأعضاء. وعلى رئيس المجلس التنحي عن الرئاسة إذا عُرِضَ على المجلس نزاع تكون دولته طرفاً فيه. ويحضر الأمين العام اجتماعات المجلس (المادة 98) التي تُعقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، إلا أن للمجلس أن يعقد اجتماعاته في غير مقر الهيئة، إذا كان ذلك سيؤدى إلى تسهيل مهمته، كما ورد في المادة (28) الفقرة (3) من ميثاق الأمم المتحدة "لمجلس الأمن أن يعقد اجتماعا في غير مقر الهيئة، إذا رأى أن ذلك أدنى إلى تسهيل أعماله". وقد حدث ذلك عدة مرات بالفعل، حيث عَقَدَ المجلس اجتماعات في فرنسا عامي 1948، و1951، وفي أثيوبيا عام 1972، وفي بنما عام 1973. 

ثالثاً: اللجان التابعة لمجلس الأمن: 

قرر الميثاق حق المجلس في إنشاء ما يراه ضرورياً لأداء وظائفه، بنص المادة (29) من الميثاق، لذا فقد أنشأ المجلس عديداً من اللجان، منها: 
1. اللجان الدائمة Standing Committees 
وتتكون من ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وتضم اللجان التالية: 
أ. لجنة الخبراء المعنية بالقواعد الإجرائية: 
وتتكون من قانونيين متخصصين، للنظر في قواعد الإجراءات، وتفسير نصوص الميثاق، وتقديم المشورة إلى المجلس. 
ب. اللجنة المعنية باجتماعات المجلس خارج مقر الأمم المتحدة. 
ج. اللجنة المعنية بقبول أعضاء جدد. 
2 - لجنة أركان الحرب (Military Stuff Committee) 
وقد نصت عليها المواد (45، 46، 47) من الميثاق. وتتكون من رؤساء أركان حرب الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن أو من يقوم مقامهم. وتكون مهمة هذه اللجنة هي إسداء المشورة إلى مجلس الأمن، ومعاونته في جميع المسائل المتصلة بالأمور العسكرية، ومده بما يلزمه من حاجات حربية لحفظ السلم والأمن الدولييْن، ولاستخدام القوات الموضوعة تحت تصرفه وقيادتها، وتنظيم التسليح، ونزع السلاح. 
3 - اللجان ذات الصلة (Ad Hoc Committees) 
وهي لجان ينشئها المجلس لمتابعة قرارات مجلس الأمن المتعلقة بقضايا أو عقوبات في مسائل محددة، مثل اللجنة المعنية بقرار مجلس الأمن رقم (661) الخاص بالعراق، واللجنة المعنية بقرار مجلس الأمن رقم (748) الخاص بليبيا. وتتألف هذه اللجان من جميع أعضاء مجلس الأمن، وتجتمع في دورات مغلقة. 
كما أن للمجلس إرسال "قوات حفظ السلام" إلى مناطق التوتر والنزاع في العالم، لنزع فتيل المعارك، وفرض الأمن، ومراقبة الهدن، (انظر قوات حفظ السلام). وتتبع المحاكم الدولية لمجرمي الحرب كذلك، مجلس الأمن، كما في حالة "المحكمة الجنائية الدولية لرواندا"، ومقرها أروشا بتنزانيا، و"المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة"، ومقرها هولندا. 

رابعاً: اختصاصات مجلس الأمن

تُعَدّ الاختصاصات الممنوحة لمجلس الأمن من أوسع الاختصاصات وأشملها، مقارنة بأجهزة هيئة الأمم المتحدة الأخرى. ومن أهم هذه الاختصاصات: 
1. المحافظة على السلم والأمن الدولييْن، وفقاً لأسس الأمم المتحدة ومقاصدها. 
2. بحث أي نزاع أو موقف قد يؤدي إلى خلاف دولي. 
3. التوصية بطرق تسوية هذا النزاع، أو شروط التسوية. 
4. صياغة خطط لوضع نظام لتنظيم التسلح. 
5. تحديد ما يمكن أن يمثل تهديداً للسلم، أو يكون عملاً من أعمال العدوان، والتوصية بما يجب اتخاذه تجاه هذا التهديد أو العمل العدواني. 
6. دعوة الأعضاء لفرض عقوبات اقتصادية، وإجراءات أخرى لا تتضمن استخدام القوة، لمنع أو إيقاف العدوان. 
7. استخدام القوة العسكرية ضد المعتدي. 
8. التوصية بقبول أعضاء جدد. 
9. ممارسة مهام الوصاية للأمم المتحدة في المناطق الإستراتيجية. 
10. توصية الجمعية العامة بتعيين "الأمين العام"، وانتخاب قضاة محكمة العدل الدولية، بالاشتراك مع الجمعية العامة. 
وبالنظر إلى هذه الوظائف نجد أن اختصاصات مجلس الأمن تنقسم إلى نوعين: 

1. الاختصاصات المنفردة لمجلس الأمن: 

وتشمل ما يلي: 
أ. مباشرة جميع وظائف الأمم المتحدة المتعلقة بالمواقع الإستراتيجية، كما نصت المادة (83) الفقرة (1) "يباشر مجلس الأمن جميع وظائف الأمم المتحدة المتعلقة بالمواقع الإستراتيجية. ويدخل في ذلك الموافقة على شروط اتفاقات الوصاية وتغييرها أو تعديلها". 
ب. تحديد الشروط التي يجوز بمقتضاها لسائر الدول الأخرى أن تتقاضى أمام محكمة العدل الدولية، كما نصت المادة (35) الفقرة (2) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، وفيها: "يحدد مجلس الأمن الشروط التي يجوز بموجبها لسائر الدول الأخرى أن تتقاضى إلى المحكمة، وذلك مع مراعاة الأحكام الخاصة الواردة في المعاهدات المعمول بها، على أنه لا يجوز بحال وضع تلك الشروط بكيفية تخل بالمساواة بين المتقاضين أمام المحكمة". 
ج. تسليح الأمم المتحدة؛ إذ تنص المادة (26) من ميثاق الأمم المتحدة على أنه: "يكون مجلس الأمن مسؤولاً، بمساعدة لجنة أركان الحرب المشار إليها في المادة (47)، عن وضع خطط تعرض على أعضاء الأمم المتحدة لوضع منهاج لتنظيم التسليح". 
د. تنفيذ أحكام محكمة العدل الدولية، بحيث "إذا امتنع أحد المتقاضين في قضية ما عن القيام بما يفرضه عليه حكم تصدره المحكمة، فللطرف الآخر أن يلجأ إلى مجلس الأمن. ولهذا، إذا رأى ضرورة لذلك، أن يقدم توصياته، أو يصدر قرارا بالتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ هذا الحكم" المادة (94) الفقرة (2) من ميثاق الأمم المتحدة.

2. الاختصاصات المشتركة لمجلس الأمن 

وهي الاختصاصات التي تستلزم مشاركة مجلس الأمن مع الجمعية العامة للأمم المتحدة في اتخاذها، مثل: 
أ. اختيار الأمين العام للأمم المتحدة: 
فتنص المادة (97) على ذلك؛ إذ جاء فيها "... وتعين الجمعية العامة الأمين العام بناءً على توصية من مجلس الأمن...". 
ب. قبول أعضاء جدد في هيئة الأمم المتحدة: 
على نحو ما نصت عليه المادة (4) الفقرة (2) في قولها "قبول أية دولة من هذه الدول في عضوية الأمم المتحدة يتم بقرار من الجمعية العامة، بناءً على توصية مجلس الأمن". 
ج. وقف العضوية من هيئة الأمم المتحدة: 
وقد جاء في المادة (5) "يجوز للجمعية العامة أن توقف أي عضو، اتخذ مجلس الأمن قِبَله عملاً من أعمال المنع أو القمع، عن مباشرة حقوق العضوية ومزاياها، ويكون ذلك بناءً على توصية مجلس الأمن...". 
د. الفصل من الهيئة: 
تنص المادة (6) على أنه: "إذا أمعن عضو من أعضاء "الأمم المتحدة" في انتهاك مبادئ الميثاق، جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيئة، بناءً على توصية مجلس الأمن". 
هـ. انتخاب قضاة محكمة العدل الدولية:
تنص المادة (8) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على أن "يقوم كل من الجمعية العامة، ومجلس الأمن، كل منهما مستقلا عن الآخر، بانتخاب أعضاء المحكمة"، وجاء في المادة (4) الفقرة (1) من النظام الأساسي أن "أعضاء المحكمة تنتخبهم الجمعية العامة ومجلس الأمن...". 
و. تحديد شروط انضمام الدول غير الأعضاء في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية: 
تنص المادة (93) الفقرة (2) من الميثاق على أنه "يجوز لدولة ليست من "الأمم المتحدة" أن تنضم إلى النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية بشروط تحددها الجمعية العامة لكل حالة بناءً على توصية مجلس الأمن". 
ولكي يتسنى لمجلس الأمن إنفاذ هذه الاختصاصات يقوم بالتدخل غير المباشر والمباشر في النزاعات التي تنشأ بين الدول الأعضاء. 

خامساً: التدخل غير المباشر

يقوم مجلس الأمن بالعمل على حل النزاعات، أو تهيئة المناخ لحل النزاعات، من دون أن يكون تدخله ملزماً لأطراف النزاع. ويقوم المجلس بالتدخل غير المباشر في حالة ما إذا كانت المبادرة من مجلس الأمن ذاته (المادة (34))، أو من خلال جهات أخرى، كالجمعية العامة (المادة (11) الفقرة (3)) أو الأمين العام (المادة (99))، أو الدول الأعضاء (المادة (35) الفقرة (1))، أو حتى الدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة (المادة (35) الفقرة (2)). وفي هذه الحالات يقوم المجلس بدعوة أطراف النزاع بإحدى الطرق المنصوص عليها في (المادة (33)) من الميثاق عن طريق المفاوضات، أو التحقيق، أو الوساطة، أو التوفيق، أو التحكيم، أو التسوية القضائية، أو أن يلجئوا إلى الوكالات الإقليمية، أو غيرها من الوسائل السلمية. 
وتتم المفاوضات عادة من خلال القنوات الدبلوماسية بين الأطراف المتنازعة، أو عن طريق مؤتمر ينعقد خصيصاً من أجل هذا النزاع. 
أما التحقيق، فهو إجراء يهدف إلى حل النزاع الدولي، من خلال السعي إلى معرفة كافة الوقائع من جانب جهاز يتكفل بأداء هذه المهمة، وتُعطى له كل الضمانات. ويتكون هذا الجهاز عادة من أفراد ينتمون إلى الدول المتنازعة، أو إلى دول أخرى، على أن يكونوا من ذوي الخبرة في المجال محل النزاع. 
ويقصد بالوساطة قيام طرف ثالث بالاشتراك في المفاوضات بين الطرفين المتنازعين، واقتراح حل للنزاع. 
ويقصد بالتوفيق تولي فريق أو جهاز فض المنازعات بين الأطراف المعنية، عن طريق بحث الوقائع، والمشاكل القانونية، وصياغة تقرير عنها يتضمن أوجه الاختلاف القائمة، والمقترحات التي من شأنها تسوية هذا النزاع. ويُعَدّ التوفيق من أحدث طرق حل النزاعات الدولية؛ إذ جرى العمل به فقط بعد الحرب العالمية الأولى، وتكمن أهميته في أن الجهاز المَعْني بحل النزاع يُعَدّ مقبولاً من قبل الأطراف المتنازعة. ويسعى الجهاز في حله لهذه النزاعات إلى فحص المسائل القانونية المختصة بالنزاع، وإثارة كل مسألة يكون من شأنها تمهيد الطريق وتعبيده، للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف. وعلى هذا يتضح أن جهاز التوفيق يهمه في المقام الأول مصالح الأطراف المتنازعة، وغالباً ما تنتهي مساعي التوفيق إلى صيغة حَلٍّ تصالحية. 
أما التحكيم، فيقصد به قيام شخص أو هيئة في الفصل في نزاع دولي، بموجب قرار ملزم وفقاً للقانون، وبناءً على طلب أطراف النزاع. وهناك ثلاث صيغ لاختيار جهاز التحكيم هي: اختيار محكم محايد بواسطة الطرفين المتنازعين، أو تشكيل لجنة مختلطة من عضوين أو أربعة أعضاء يمثلون الطرفين المتنازعين بالتساوي، مع تدخل طرف ثالث يكون حكماً مرجعياً، أو اختيار جهاز جماعي مكون من مُحَكّمَينْ يمثلون الطرفين المتنازعين، وثلاثة مُحكِّمِين محايدين. والقانون المطبق في التحكيم هو ما اتفقت عليه، وأقرته الأطراف المتنازعة. ويصدر قرار التحكيم بالأغلبية، وله قوة الأحكام القضائية، فتلتزم به الأطراف المتنازعة. ولا يجوز الطعن فيه بالاستئناف. ولا يُعَدّ ملزما إلا بعد موافقة الأطراف المتنازعة على هذا الحكم. 
أما التسوية القضائية، فيكون بعرض المشكلة محل النزاع على محكمة العدل الدولية للفصل فيها بما يتراءى لها. 
أما اللجوء إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية، مثلما هو الحال عند اللجوء لبعض التنظيمات الإقليمية، مثل: جامعة الدول العربية، أو منظمة الوحدة الأفريقية، فيكون لفض النزاعات بين الدول المنضوية تحت مظلة هذه التنظيمات. 

سادساً: التدخل المباشر

وفيه يتدخل مجلس الأمن - في حالة حدوث ما يهدد السلم والأمن الدولييْن طبقاً للمادة (39) ـ باتخاذ الإجراءات المناسبة. وفي هذه الحالة يتدخل المجلس تلقائياً دون الحاجة إلى عرض الوضع من قِبَل الأطراف المعنية، أو من قبل الجهات المختصة، مثل الجمعية العامة، أو الأمين العام للأمم المتحدة. وتُعَدّ حالات تأزم الوضع، التي تستلزم تدخل مجلس الأمن تدخلاً مباشراً، من المسائل الموضوعية التي يلزم لإقرارها صدور قرار بالأغلبية، شاملاً الموافقة الجماعية للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن. وبإقرار حدوث ما يهدد السلم والأمن الدولييْن بهذا التصويت، يقوم المجلس باتخاذ قرارات ملزمة للدول الأعضاء، وذلك بعد موافقة الأغلبية، بما فيها الدول الدائمة العضوية، وذلك طبقا للمادة (48) الفقرتان (1،2) اللتان تنصان على أن: 
1- الأعمال اللازمة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن لحفظ السلم والأمن الدولييْن يقوم بها جميع أعضاء "الأمم المتحدة"، أو بعض هؤلاء الأعضاء، حسبما يقرره المجلس. 
2- يقوم أعضاء "الأمم المتحدة" بتنفيذ القرارات المتقدمة مباشرة وبطريق العمل في الوكالات الدولية المخصوصة التي يكونون أعضاء فيها". نصت المادة (49) كذلك على أن: "يتضافر أعضاء "الأمم المتحدة" على تقديم المعونة المتبادلة لتنفيذ التدابير التي قررها مجلس الأمن"، وكذلك المادة (25) "وفيها يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق"، والمادة (2) الفقرة (5) "يقدم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من عون إلى الأمم المتحدة في أي عمل تتخذه وفق هذا الميثاق. كما يمتنعون عن مساعدة أي دولة تتخذ "الأمم المتحدة" إزاءها عملا من أعمال المنع أو القمع". 
ومما هو جدير بالذكر أن لمجلس الأمن سلطة اتخاذ ما يراه من إجراءات ملائمة وتحديد من يقوم بهذه الإجراءات، طبقا للمادة (48) الفقرة (1)، التي نصت على أن "الأعمال اللازمة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن لحفظ السلم والأمن الدولييْن، يقوم بها جميع أعضاء الأمم المتحدة، أو بعض هؤلاء الأعضاء حسبما يقرره المجلس". وهذه الإجراءات قد تكون إجراءات مؤقتة، أو إجراءات عسكرية، أو غير عسكرية. 
فالإجراءات المؤقتة يتم اتخاذها من قِبَل المجلس، وتتسم بطبيعتها المؤقتة، على نحو ما تطالب به المادة (40) من الميثاق. ولا يجوز أن تخل هذه الإجراءات بحقوق المتنازعين، ومطالبهم، ومراكزهم، مثل طلب وقف إطلاق النار، أو سحب القوات المتحاربة إلى خطوط معينة، أو الامتناع عن توريد المعدات الحربية. 
أما الإجراءات غير العسكرية، فهي إجراءات لا تتضمن استخدام القوة المسلحة. فقد نصت المادة (41) على أنه "لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء "الأمم المتحدة" تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية، والمواصلات الحديدية، والبحرية، والجوية، والبريدية، والبرقية، واللاسلكية، وغيرها من وسائل المواصلات، وقفاً جزئياً، أو كلياً، وقطع العلاقات الدبلوماسية". 
أما التدابير العسكرية، فيتم اتخاذها، إذا ثبت أن الإجراءات غير العسكرية، التي أقرها مجلس الأمن من قبل، وفقاً للمادة (41)؛ لم تف بالغرض، لذا نصت المادة (42) على أنه: "إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة (41) لا تفي بالغرض، أو ثبت أنها لم تفِ به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية، والبحرية، والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولييْن، أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات، والحصر، والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البرية التابعة لأعضاء "الأمم المتحدة"". ويجب لاتخاذ هذه التدابير أن يحصل المجلس على موافقة أغلبية متضمنة الدول دائمة العضوية به. ومن أجل وضع التدابير موضع التنفيذ فقد أورد الميثاق بعض الإجراءات والوسائل التي تمكن مجتمعه من تحقيق الهدف بنص المواد (من 43- 47). 

سابعاً: نظام التصويت في مجلس الأمن:

يُعَدّ نظام التصويت المتبع في مجلس الأمن من الخصائص المميزة لهذا الجهاز عن غيره من أجهزة "الأمم المتحدة"؛ إذ يترتب على هذا التصويت أن تتوقف كل فعاليات الأمم المتحدة. لذا، فلا عجب أن نجد في الميثاق ما يحدد الأسس الواجب اتباعها، كما ورد في المادة (27) الفقرة (3)، إذ يشترط المجلس في قراراته وتوصياته الحصول على الأغلبية (تسعة أصوات) متضمنة الموافقة الإجمالية للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لإمكان إصدار القرار. ويترتب على عدم تحقيق الموافقـة الإجمالية للدول دائمة العضـوية، واعتراض أحدها فقط (حق النقض أو الفيتو) عدم صدور القرار. وقد استخدم أول (فيتو) في تاريخ مجلس الأمن من قِبَل الاتحاد السوفيتي في 16 فبراير عام 1946، ضد القرار الصادر بشأن مباحثات سحب القوات الفرنسية والبريطانية من سورية. 
ثم توالى بعد ذلك استخدام الفيتو في أحوالٍ ومسائلَ لا حصر لها حتى وقتنا هذا، وتُعَدّ كل من المشكلة الكورية، وأزمة قناة السويس، من أهم الأحداث والأزمات التي لعب فيها حق الفيتو دوراً بارزاً. 
وفي الواقع، واجه مبدأ "حق النقض" كثيراً من المناقشات والملاحظات العديدة في المراحل السابقة لصدور ميثاق الأمم المتحدة، إذ يخل بمبدأ المساواة التي تستند عليه المنظمة الدولية. وقد استمرت هذه المناقشات بعد صدوره وتطبيقه على أرض الواقع، بعد ما سببه من فشل للهيئة الدولية في القيام بمسؤولياتها في مجال حفظ السلم والأمن الدولييْن. وفي الحقيقة لم يثر مبدأ من مبادئ "الأمم المتحدة" من مناقشات مثلما أثاره مبدأ حق النقض، فذهب بعض الأعضاء إلى المطالبة بإلغائه، مستنداً إلى مبدأ المساواة، ومتذرعاً بما سببه من فشل ذريع لسياسات الأمم المتحدة. وعلى الجانب الآخر تبنى بعض آخر، وهم ممثلو الدول الكبرى، الرأي المطالب بإبقائه، مستندين إلى تعذر تنفيذ قرارات الهيئة بدون تعضيد من هذه الدول. كما أنه يُعَدّ ميزة لهذه الدول، من حيث تساعدها على تحمل مسؤولياتها في حفظ السلم والأمن الدولييْن. وقد ذهب عديد من خبراء القانون إلى أنه يجب على الأمم المتحدة البحث عن نظام آخر غير نظام الفيتو، وذلك لعدة أسباب رئيسية، أهمها: ما أثبتته التجربة التطبيقية العملية في استخدام حق الفيتو من عجز مجلس الأمن عن إعادة السلم والأمن الدولييْن، أو رد المعتدي في كثير من الحالات. وهذه النتيجة طبيعية إذا ما أنعمنا النظر في سياسات المصالح والأهواء التي تحكم علاقات الدول بعضها ببعض. فمن غير الطبيعي ولا المنطقي أن تدين دولةُ كبرى، دولةً تابعة لها، حتى لو قامت الأخيرة بتهديد السلم والأمن الدولييْن، أو قامت باحتلال أراضي دولة أخرى، فهنا ووفقاً لسياسات المصالح، أن تستخدم الدولة الكبرى حق النقض لمنع توقيع عقوبات ضد الدولة التابعة لها. 
ويستخدم حق النقض في مجلس الأمن فقط، في حالات المسائل الموضوعية، لا المسائل الإجرائية. وقد اتفقت بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن في بيان مشترك على اعتبار المسائل الآتية من المسائل الإجرائية، وهي: 
أ. تمثيل أعضاء مجلس الأمن تمثيلاً دائماً في مقر المنظمة. 
ب. وجوب عقد اجتماعات دورية لمجلس الأمن. 
ج. عقد اجتماعات مجلس الأمن في غير مقر المنظمة. 
د. إنشاء أجهزة فرعية تابعة للمجلس. 
هـ.وضع لائحة الإجراءات. 
و. اشتراك عضو من أعضاء الأمم المتحدة، بدون تصويت، في مناقشة أية مسألة تعرض على المجلس، إذا تأثرت بها مصالح العضو بصفة خاصة. 
ز. كما أن دعوة أية دولة تكون طرفاً في نزاع معروض على المجلس، لبحثه في المناقشات المتعلقة بهذا النزاع، دون أن يكون لها حق التصويت، يُعَدّ كذلك من المسائل الإجرائية. 
وتصدر القرارات الخاصة بالمسائل الإجرائية بأغلبية تسعة أعضاء، بصرف النظر عن موافقة أو اعتراض الأعضاء الدائمين. 
وعدا هذه المسائل، يكون مجلس الأمن هو المختص بتمييز المسائل الموضوعية من عدمها، وذلك بصدور قرار بأغلبية الأعضاء، متضمناً الدول الدائمة العضوية، لإمكان صدور قرار في هذه المسألة. 
ويجب ملاحظة أن حق النقض لا يعمل به، إذا تعلق الأمر بالدعوة إلى مؤتمر يعاد فيه النظر في ميثاق الأمم المتحدة. ففي هذه الحالة يُدْعَى لهذا المؤتمر بأغلبية ثلثي أعضاء الجمعية العامة، وبموافقة تسعة من أعضاء مجلس الأمن، ولا يشترط أن تكون الدول الدائمة العضوية من بينهم المادة (109) الفقرة (1). 
كما لا تملك الدول الكبرى، كذلك، حق النقض بالنسبة لانتخاب قضاة محكمة العدل الدولية؛ إذ تنص المادة (10) الفقرة (2) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، على أنه: "عند التصويت بمجلس الأمن لانتخاب القضاة، أو لتعيين أعضاء اللجنة المنصوص عليها في المادة (12)، لا يحصل تفريق بين الأعضاء الدائمين والأعضاء غير الدائمين بالمجلس المذكور". 
وكذلك، لا يجب إغفال الفرق بين صلاحية الدول الدائمة العضوية، في التصويت على موقف أو مشكلة من نوعٍ ما، وصلاحيتها في التصويت حين وجود نزاع قائم. ففي حالة الموقف أو المشكلة يحق للدول الدائمة العضوية التصويت، أو الاعتراض، حتى لو كانت طرفاً في هذا الموقف، ومثال ذلك المشكلات السياسية المتعلقة بمصالح الدول، أو المجتمع الدولي بشكل عام.
أما في حالة النزاع، فلا يحق للدولة الدائمة العضوية، الاشتراكُ في التصويت، فضلاً عن استعمال حق النقض، إذا كانت هذه الدولة طرفاً في النزاع القائم المنظور. 

موسوعة مقاتل من الصحراء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق