الأحد، 3 يونيو 2012

الأحكام العامة للشركات

الأحكام العامة للشركات
نتناول في هذا الباب الأحكام المشتركة بين الشركات، فنبين التعريف والخصائص في الفصل الأول وفي الفصل الثاني الشخصية المعنية للشركة، أما الفصل الثالث فيكون لأنواع الشركات، أما في الفصل الرابع فنبين تأسيس الشركات . 
الفصل الأول : 
التعريف بالشركة وخصائصها 


تعرف المادة الرابعة في فقرتها الأولى من قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 الشركة بأنها : ((عقد يلتزم به شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع اقتصادي بتقديم حصة من مال أو من عمل لاقتسام ما ينشأ عنه من ربح أو خسارة))( ) . 
ولم تورد بعض التشريعات الخاصة بالشركات تعريفا للشركة، معولة على التعريف ضمن القواعد العامة في القانون المدني( ) . 
والتعريف الوارد في التشريعات سواء ما ورد منها في اطار القواعد العامة الواردة في القوانين المدنية أو ما ورد منها في القوانين الخاصة ممثلة بقوانين الشركات يتحلل إلى خواص مشتركة وهي : 
1 ـ الشركة عقد 
2 ـ اشتراك أكثر من شخص 
3 ـ تقديم حصة من مال أو عمل 
4 ـ اقتسام الأرباح أو الخسائر . 
وسنوضح كل منها في مبحث مستقل 

المبحث الأول 
الشركة عقد 


لاحظنا أن التعريف يبدأ بعبارة ((الشركة عقد)) وكأي عقد آخر فانه يتطلب أركانا معينة لانعقاده وهذا ما يقتضي التوقف عند هذه الأركان، ثم بيان ما يتميز به عقد الشركة عن غيره من العقود ثم تلي ذلك مناقشة أهمية العقد في تكوين الشركة وحياتها . 
أولا : أركان العقد 
يبنى عقد الشركة كغيره من العقود على الأركان المطلوبة لانعقادها وهي الرضا، والمحل، والسبب . 
1 ـ الرضـــــا : 
لا ينعقد عقد الشركة بغير رضا أطرافه، وإذا كان التعبير عن الرضا بالطريقة التي بينها القانون، دليل وجوده، فيشترط في هذا الرضا أن يكون صحيحا وتأتي الصحة في صدوره من كامل الأهلية، وخلو الرضا من عيوب الارادة وهي حسب القانون العراقي (الإكراه، الغلط، التغرير مع الغبن، الاستغلال) كذلك يقتضي أن يقع الرضا على كافة بنود العقد . 
ويكون الرضا صادرا عن ذي أهلية عندما يقع من شخص اكمل الثامنة عشرة من العمر بغير عارض من عوارض الأهلية ينقصها أو يعدمها (م106 من القانون المدني)، أما غير ذلك من الأشخاص فأما أن يكون معدوم الأهلية، وهو من لم يكمل السابعة عشر من العمر ويلحقه المجنون فتصرفاته باطلة ولا تلحقها الإجازة من الولي، ولكن يجوز للولي أو الوصي استثمار أموال معدوم الأهلية في شراء اسهم الشركات، والنوع الآخر من الأشخاص ناقص الأهلية، وهو من اكمل السابعة لكن لم يتم الثامنة عشرة من العمر، ويلحق بذلك المصاب بعارض عقلي غير الجنون . فلا يصح اشتراك هؤلاء في الشركات التي تؤدي المشاركة فيها اكتساب صفة تاجر( )، كذلك لا يحق لهم أن يكونوا مؤسسين في شركة مساهمة لأن مسؤولية المؤسسين تجاه المكتتبين تتجاوز حدود المشاركة برأس المال( )، فلم يتبق إلا نوع واحد من أنواع الشركات، هي الشركات المحدودة، والمشاركة في مثل هذه الشركات يعد من الأعمال الدائرة بين النفع والضرر، ويكون صحيحا، لكنه موقوف على إجازة الولي أو إجازة الصغير بعد أن يكمل الثامنة عشرة من العمر، ولا نرى ما يحول دون المشاركة بهذه الشركات على أن تقترن المشاركة باجازة الولي أو الوصي، خاصة أن المسؤولية بمقدار المشاركة برأس المال وانه يشترك مع أشخاص على معرفة بحاله لأن هذه الشركات من الشركات العائلية عادة . 
النوع الأخير من الأشخاص هو القاصر المأذون بالاتجار حسب الرخصة التي تقررها (المادة 98) من القانون المدني، ولا نرى ما يحول دون مشاركة هؤلاء في تكوين الشركات على أن يكون الاذن مطلقا( )، لأن المأذون يعامل كأنه كامل الأهلية، وإذا قيل بأن الاذن على سبيل التجربة فلم لا تكون التجربة بتأسيس الشركات، حيث يشترك في الاتجار مع غيره بدلا من أن يكون منفردا في تجاربه . 
وقد حسمت بعض التشريعات المشاركة في شركات الأشخاص، فاشترطت أن يكون متمتعا بالاهلية القانونية، فالمادة (9/5) من قانون الشركات الاردني تنص على انه ((لا يقبل أي شخص شريكا في شركة التضامن إلا إذا كان قد اكمل الثامنة عشرة من عمره على الأقل))، وم28 من قانون الشركات اليمني . وإذا كان الشرط الأول لصحة الرضا يرتبط بالاهلية وهو ما أوضحنا فان الشرط الثاني يرتبط بخلو الرضا من العيوب التي تفسده، وعليه فإذا شاب رضا الشريك في الشركة عيب كان له نقض العقد خلال ثلاثة اشهر من زوال الاكراه، أو اكتشاف الغلط، أو اكتشاف التغرير، اما إذا لم يستخدم هذا الخيار الذي تقرره المادة 136 مدني فيفهم من ذلك قبوله العقد . 
2 ـ المحـــــل 
إذا كان القانون المدني العراقي يجعل المحل ركنا في الالتزام الذي ينشأ عن العقد، حيث تنص المادة 126 انه ((لابد لكل الالتزام نشأ عن العقد من محل يضاف إليه يكون قابلا لحكمه …)) فنتناول المحل على انه ركن في العقد كما جرى عليه الفقه( )، ويتوزع المحل بين اتجاهين ؛ اتجاه يرى المحل في الحصة التي يقدمها الشريك، واتجاه آخر يراه في غرض الشركة، ونذهب مع الاتجاه الأخير في كون المحل في عقد الشركة يتمثل بالنشاط الذي تزاوله، أما القول في كونه حصة الشريك، فيؤدي إلى تنوع المحل حسب نوع الحصة في الوقت الذي يفترض أن يكون موحدا في العقد الواحد( ) . 
ويشترط في المحل أن يكون ممكنا ومعينا ومشروعا، وانعدام أحد هذه الشروط يؤدي إلى بطلان العقد، كالتعاقد على المستحيل، أو على ما يحرمه القانون . 
3 ـ السبب 
يجب أن يكون للعقد سبب صحيح، فإذا كان العقد بلا سبب أو لسبب غير مشروع بطل العقد، ويفترض القانون وجود السبب عند عدم ذكره، كما يفترض مشروعيته، ومن يدعي خلاف ذلك مطلوب منه الإثبات (م132) من القانون المدني . 
وإذا كنا قد تناولنا أركان العقد بإيجاز ملحوظ، فلأنها أركان عامة لكل العقود، لا ينفرد بها عقد الشركة، وقد بحثت من قبل شراح القانون المدني بإسهاب . ونتناول فيما يأتي الخصائص التي تلحق العقد لأنه عقد شركة، أي أنها خصائص ينفرد بها هذا العقد أو تشترك معه قلة من العقود في بعضها وهذه الخصائص هي : 

1 _ الشكلية : 
نعني بالشكلية الكتابة وتشير التشريعات ويرى الفقه أن عقد الشركة يجب أن يكون مكتوبا . كما اختلف الفقه حول الكتابة، وهل هي للانعقاد أم للإثبات . ونبدأ بنص المادة 507 من القانون المدني المصري التي تقضي بأن يكون عقد الشركة مكتوبا وإلا كان باطلا، كذلك تنص المادة 628 من القانون المدني العراقي الملغاة (( يجب أن يكون عقد الشركة مكتوبا وإلا كان باطلا ...)) وعليه فأن النصوص التي توجب كتابة عقد الشركة، تجعل الكتابة شرطا لانعقاد العقد، بغير الكتابة لا وجود للعقد ولا وجود للشركة . ولكن مع هذا البطلان يحق للغير أن يثبت وجود الشركة بغير الكتابة . ومعنى ذلك يجوز الاحتجاج بوجودها على الرغم من اشتراط البطلان عند عدم الكتابة . فالفقرة الأخيرة من المادة 8 من قانون الشركات لدولة الإمارات تقضي بأنه (( و يجوز للشركاء التمسك بالبطلان الناشئ عن عدم كتابة العقد أو عدم توثيقه في مواجهة الغير الذي يجوز له الاحتجاج بالبطلان في مواجهتهم ( )، أما النصوص التي تشترط الإثبات بالكتابة، فيفهم منها إمكانية وجود الشركة بغير الكتابة لكن لا يجوز حسم النزاع بين الشركاء إلا بالعقد المكتوب . وما يلاحظ في الواقع العملي فأن الكتابة لا غنى عنها، لكثرة الشروط التي يتضمنها العقد عادة، وللمدة الطويلة التي يمتد فيها نشاط الشركة في الغالب، فمن غير المتصور الاعتماد في أثبات الشروط الواردة بعقد الشركة على شهادة الشهود.

ولابد من أن نشير إلى موقف القانون العراقي من الكتابة، وهو قانون الشركات بعد إلغاء المواد الخاصة بالشركات في القانون المدني . إذ لم يتضمن هذا القانون نصا يوجب الكتابة أو يشترط الإثبات بها، وهو فراغ كان من المستحسن سده، خاصة إذا اخذ بالاعتبار إلغاء المواد الخاصة في القانون المدني كما بينا . 
ولكن نستطيع القول وبلا تردد، أنه مع هذا الفراغ فأن القانون يتطلب الكتابة، يفهم ذلك من مجمل النصوص التي تتعلق بالتأسيس، كما أن الكتابة ضرورية للاحتجاج بأي تعديل عل العقد .
فالمادة ( 17 ) من قانون الشركات تنص على أن (( يقدم طلب التأسيس إلى المسجل ويرفق به : أولا ـ عقد الشركة ... )) 
كما تنص المادة ( 20 ) على انه (( إذا وافق المسجل على طلب التأسيس لتوافر شروطه، وجب عليه دعوة المؤسسين أو من يمثلهم قانونا لتوثيق عقد الشركة أمامه أو أمام من يخوله من موظفي دائرته .. ))، وتقضي المادة (182 ) انه (( يجب أن يوثق عقد الشركة البسيطة من الكاتب العدل .. )) والكتابة غير مطلوبة في التأسيس فقط، إنما في تعديل العقد أيضا، فالمادة (203) من القانون تنص على انه (( لا يعتبر تعديل عقد الشركة نافذا إلا بعد تصديقه من المسجل ونشره في النشرة وفي صحيفة يومية . )) ( )
ويفهم من النصوص المذكورة، وضوح شرط الكتابة، فلا يمكن تكوين شركة والحصول على إجازة تأسيسها بغير عقد مكتوب، بل تشترط الكتابة الرسمية كما لاحظنا، وتتمثل بالمصادقة من المسجل أو من الكاتب العدل . ولكن مع هذه النصوص التي تبين أهمية الكتابة في تأسيس الشركات حسب القانون العراقي، هل يجوز إثبات وجود شركة ليس لها عقد مكتوب . ولم تسجل لدى مسجل الشركات ؟ 
ولا نرى ما يحول دون ذلك، لأن من يتعامل مع الشركة لا يبحث في بعض الأحيان عن العقد والتسجيل لدى مسجل الشركات، إنما يعتمد على المظهر الخارجي الذي ظهر به النشاط الاقتصادي . وعليه إذا استطاع شخص أن يثبت وجود شركة، أو انه تعامل مع كيان اتخذ شكل شركة على الرغم من عدم التسجيل لدى المسجل، أو حتى عدم وجود العقد المكتوب، فيخضع الشركاء إلى العقوبة التي تقررها المادة ( 215 ) من قانون الشركات، وهي الحبس أو الغرامة أو العقوبتين معا . كذلك يستطيع من تعامل مع كيان على انه شركة، مطالبة الشركاء متضامنين بما دفعه استنادا على مبدأ الكسب دون سبب . 
كذلك يبرز، بمناسبة تناول موضوع أركان عقد الشركة وعن الشكلية، موضوع بطلان الشركة، بسبب بطلان العقد لأسباب عدة، أما لتخلف ركن من أركان العقد، أو بسبب عيب من عيوب الرضا أو لنقص في الأهلية، أو لما ذكرنا من عدم وجود العقد المكتوب والتسجيل . 
وقد وجدنا بالنسبة للحالة الأخيرة عدم التسجيل وعدم وجود العقد المكتوب، أن حكم القانون العراقي هو ما تقرره المادة ( 215 ) التي لم تشر إلى البطلان وطبيعة البطلان، فإذا أضفنا إلى ذلك إلغاء المواد الخاصة بالشركات في القانون المدني، يبرز الفراغ في معالجة هذا الأمر في القانون العراقي( ) على خلاف ما تقرره القوانين موضوع المقارنة، فالمادة 10 من نظام الشركات السعودي تنص على انه (( باستثناء شركة المحاصة، يثبت عقد الشركة وكذلك ما يطرأ عليه من تعديل بالكتابة أمام كاتب عدل وإلا كان العقد أو التعديل غير نافذ في مواجهة الغير . ولا يجوز للشركاء الاحتجاج على الغير لعدم نفاذ العقد أو التعديل الذي لم يثبت على النحو المتقدم وإنما يجوز للغير أن يحتج به في مواجهتهم . )) ( ) . 
والبطلان كما يقسمه الفقه ( )، مطلق ونسبي : 
الأول ما يترتب على تخلف أحد الأركان أو الشروط الجوهرية . كأن يتخلف الرضا مثلا أو يكون المحل غير مشروعا وكذلك عدم مشروعية سبب العقد . وينجم عن ذلك بطلان مطلق للعقد، بحيث لا يمكن الاحتجاج بمثل هذا العقد، لا بين الشركاء ولا بالنسبة للغير، ويستطيع أن يحتج بالبطلان كل شخص له مصلحة، وتستطيع المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها، ولا تلغي البطلان الإجازة، ولا يتقادم بحيث يصبح العقد بعد انقضاء مدة التقادم مشروعا، وإذا وقع البطلان فأنه يقع بأثر رجعي، ولا يمكن الاحتجاج بوجود الشركة قبل إيقاع البطلان ولذلك يمحى العقد وأثاره، والكائن القانوني الناجم عن العقد، وتمحى الآثار التي ترتبت قبل البطلان، لأن سبب البطلان يستطيع أن يكتشفه من يريد التعامل مع الشركة.
أما النوع الثاني من البطلان فهو النسبي، وهو الذي ينجم عن عيوب الإرادة التي تشوب رضا الشريك، وكذلك النقص في أهلية احد الشركاء، وهؤلاء لهم رخصة يقررها القانون تبطل الرضا متى استخدمت، لكن هذا الأمر ينطبق على القانون المدني المصري الذي ينعقد العقد بموجبه وينفذ حتى مع حصول العيوب التي تفسد الرضا أو في حالة النقص في الأهلية، لكن يستطيع من شاب رضاه العيب أو اعترى أهليته النقص أن يستخدم رخصة منحها له القانون خلال ثلاث سنوات من تاريخ إكماله الأهلية أو من تاريخ زوال الإكراه أو اكتشاف الغلط أو اكتشاف الغبن والتفريز ( م 140 ) من القانون المدني المصري . 
وهذه الرخصة للشخص المحدد، لا يتعداه إلى غيره من المتعاقدين، إلا إذا كان أي منهم له رخصة بإبطال العقد أيضا، والسؤال الذي يثار، إذا تمسك الشخص بالرخصة، وبطل بناء على ذلك رضاه، فهل يمتد البطلان إلى العقد بأكمله ؟ وجواب ذلك يختلف حسب نوع الشركة، ففي شركات الأشخاص، القائمة على الاعتبار الشخصي يمتد البطلان إلى العقد بأكمله إذا بطل رضا احد المتعاقدين، لأن العقد أنبنى على إرادة أطرافه المتعددين وبطلان رضا احدهم يمثل خللا يفسد العقد بأكمله، أما إذا كانت شركة أموال حيث يضعف الاعتبار الشخصي، فالأصل أن البطلان لا يمتد إلى العقد بأكمله، إنما يقتصر على الشخص صاحب الرخصة التي احتج بها ( ) . ولكن ما يلاحظ أن بطلان الشركة يحصل بعد مدة من تأسيسها، أي أن الشركة كانت قائمة ككيان مستقل عن الشركاء، ثم بطلت للأسباب التي ذكرنا . ولا توجد مشكلة إذا لم تزاول الشركة خلال هذه المدة الواقعة بين التأسيس والبطلان عملها، فليس للشركة أو الغير حقوق، ويستطيع الشركاء استرجاع الأموال التي قدمت كحصة في الشركة من الإدارة أو من الشريك الذي تسلمها تأسيسا على استرداد ما دفع بغير حق( ). إنما المشكلة في مزاولة الشركة لنشاطها قبل بطلانها، ولا شك في بطلان التصرفات الواقعة بعد بطلان الشركة ولا يجوز الاحتجاج بها . أما الاعمال التي حصلت قبل ذلك، فانها حصلت من شخص معنوي انشىء بصورة قانونية وإذا كانت القواعد العامة تقضي عند بطلان العقد اعادة المتعاقدين إلى ما قبل التعاقد ( )، فأن عقد الشركة يعد ذو طبيعة خاصة، فهو من العقود المستمرة ويقع البطلان فيها على الحاضر والمستقبل ولا يمتد إلى ما سبق من التصرفات، كما أن استقرار التعامل يتطلب ذلك وإلا انهارت المراكز القانونية التي حصلت أثناء قيام الشركة لذلك فأن، البطلان لا يشمل ما سبق من التصرفات، وتعد الشركة في الفترة السابقة لوقوع البطلان شركة فعلية أو شركة واقع كما يقول الفقه، على الرغم من بطلانها من الناحية القانونية ( ) . 
ولا يسري هذا الأمر حسب القواعد العامة في القانون العراقي ( )، لأن العقد الذي يقع من ناقص الأهلية ومن شخص لحق رضاه العيب، موقوفا، لا ينفذ إلا إذا اجازه الشخص المذكور خلال ثلاثة اشهر من إكماله الأهلية أو زوال الإكراه أو اكتشاف الغلط أو الغبن مع التغرير، وإذا نفذ العقد أصبح كاملا لا يلحقه البطلان . أما البطلان المبني على خلل في الأركان أو الشروط، فهو البطلان الذي يطلق عليه ( البطلان المطلق )، ولا توجد معه الشركة الفعلية( ) .


عقد الشركة عقد مستمر : يعد عقد الشركة من العقود الزمنية، له استمرارية لابد منها حتى بالنسبة للشركات التي تتكون لمواجهة عملية واحدة، فلا يمكن أن تنشأ الشركة وتزاول نشاطها وتنتهي في وقت واحد . وإذا كان الأستاذ علي البارودي ( ) يرى صفة الاستمرار في الامتداد الزمني للكائن القانوني الذي نشأ من العقد، أما العقد، فينعقد وينفذ في الحال، فنرى وجود تلازم بين العقد وبين الكائن القانوني الذي افرزه، وفي أي وقت يبطل العقد تبطل الشركة ( الشخص المعنوي )، لأنه أثر للعقد . 
3
- تطابق مصلحة الأطراف : 

تتطابق في عقد الشركة مصلحة إطراف العقد، فلا وجود لتعارض المصالح المعروف في جميع العقود، التي يكون العقد فيها نقطة التقاء لمصالح متضادة عادة، أما في عقد الشركة، فيسعى الشركاء وبصورة جمعية إلى تكوين وحدة اقتصادية .تحقق مصلحة الشركاء في الربح فضلا عن المصلحة الاقتصادية العليا للبلد . 
4
- تعديل العقد بإرادة البعض : 
تقضي القواعد العامة بعدم إمكان تعديل العقد أو إلغاؤه إلا بإجماع الأطراف التي أنشأته، بينما نجد عقد الشركة على خلاف ذلك يمكن تعديله بقرار من الهيئة العامة يمثل أغلبية تختلف حسب نوع القرار ( م 92 و م 98 و 158) وغير هذه المواد في قانون الشركات العراقي . 
وبناء على هذه الخصائص التي تميز عقد الشركة، وبالأخص تعديل العقد بغير الإجماع وتطابق المصلحة، يضاف إلى ذلك ما يقال في الشركات المساهمة بالأخص ما يترتب على قابلية الأسهم للتداول، باقتناء الأسهم من أشخاص ليس بينهم معرفة أو يؤدي إلى مشاركة أشخاص لا تجمعهم المعرفة ذهب البعض ( ) إلى كون العقد لم يعد له أهمية في أنشاء الشركة وحياتها، فما ذكر من الخصائص يتعارض مع طبيعة العقود ويحل محل العقد مفهوم المنظمة. القائم على تدخل المشرع ويقتصر دور الشركاء على الأعراب عن إرادتهم بالانضمام لها . وإذا كان في هذا القول كثير من الوجاهة، خاصة في شركات المساهمة، التي تنهض على أساس التنظيم وتدخل المشرع فلا يمكن إنكار دور العقد في مرحلة التأسيس في الأقل . أما بعد ذلك فيتضح تراجع الإرادة لمصلحة تدخل المشرع في حياة الشركة يتبين ذلك في القانون العراقي في زيادة رأس المال وفي تخفيضه وفي دمج الشركة وتحولها وتصفيتها فضلا عن تأسيسها . لأنه في هذه الأوضاع ذات الأهمية، لابد من اقتران قرار الهيئة العامة حولها بمصادقة جهة رسمية . لا ينفذ القرار بغير قبولها ( ) . 

المبحث الثاني 
اشتراك أكثر من شخص 


من الشروط اللازمة لتكوين الشركة اشتراك أكثر من شخص، كما هو واضح من تعريف الشركة في المادة الرابعة من القانون (( .. يشترك به شخصان أو أكثر ... )) فالحد الأدنى شخصين، لأنه لا يمكن إنشاء عقد بغير هذا العدد، فالعقد التقاء أكثر من أرادة، وما يقرره قانون الشركات العراقي كحد أدنى لأشخاص الشركة ( خمسة أشخاص في شركة المساهمة م 6 / أولا وشخصين في كل من الشركة المحدودة والتضامنية م6 / ثانيا وثالثا . وشخصين في الشركة البسيطة م 181 . ) 
والعدد مطلوب أثناء التأسيس وطيلة حياة الشركة( ) . فلا يجوز أن ينقص عدد الشركاء عن هذا العدد وإذا نقص فأن ذلك يؤدي إلى تحول الشركة . فالمادة 205 في الباب الثامن، الأحكام المتفرقة تنص على انه (( إذا أصبح عدد أعضاء الشركة دون الحد القانوني بحسب نوعها وجب إكمال العدد خلال ستين يوما من وقوع النقص فأن مضت المدة ولم يعطها المسجل أمهالا أضافيا، وجب تحولها إلى نوع أخر من الشركات وبالشكل الذي يجيزه هذا القانون . )) 
لكن القانون أورد استثناء في المادة الرابعة الفقرة ثانيا يفيد إمكانية تكوين الشركة من شخص طبيعي واحد . أطلق عليها تسمية ( المشروع الفردي ). والنص منقول عن قانون 1983 الملغي . 
والمشروع الفردي بموجب هذا النص، غير الشركة المعروفة في بعض القوانين، والتي تعرف بشركة الشخص الواحد (One Mans Company)، التي تنهض على أساس فصل الذمة المالية للشريك بين ما يوضع في رأس مال المشروع الذي هو الشركة، وما عدا ذلك من ذمة للشخص المكون للمشروع( ). 
ولا تنهض الشركة على أساس فصل الذمة المالية، لأن المادة 37 / ثانيا تقضي بأنه (( لدائني المشروع الفردي مقاضاته أو مقاضاة مالك الحصة فيه وتكون أمواله ضامنة لديون المشروع، ويجوز التنفيذ على أمواله دون إنذار المشروع )) وفي النص تداخل واضح بين أموال المشروع وأموال صاحب المشروع خارج الشركة فما هو الفرق بين هذا الشكل القانوني والنشاط التجاري المنفرد، وما الذي يدفع الشخص إلى اختبار شكل هذه الشركة لنشاطه الاقتصادي، خاصة وانه يخضع لموافقات وإجازة أشد بكثير حسب القانون العراقي قبل تعديله من إقامة مشروع تجاري منفرد( ) ( ) . 
على العموم خفف من وطأة التداخل بين أموال المشروع وأموال صاحب المشروع خارجه في حالة العلاقة بين دائني صاحب المشروع ومن خارج نشاط المشروع، وأموال المشروع . فلا يحق للدائنين التنفيذ على أموال المشروع الفردي إلا لدين ممتاز، فالمادة 72 / ثانيا تقضي بأنه (( لا يجوز حجز الحصص في الشركة التضامنية والمشروع الفردي والشركة البسيطة إلا لدين ممتاز ويجوز حجز أرباحها المتحققة )) 
وعليه فأن مفهوم هذه الشركة يختلف عن شركة الشخص الواحد المبنية على أساس فصل الذمة المالية للشخص . 
وقد أورد قانون الشركات الأردني نصا يفيد إمكانية تكوين شركة محدودة المسؤولية من شخص واحد، لها ذمة مالية مستقلة،ولا يحق لدائنيها التنفيذ على أموال صاحب الشركة، وفي ذلك استعارة لشركة الشخص الواحد، فالمادة 53 / ب تنص على انه : يجوز للوزير بناء على تنسيب مبرر من المراقب الموافقة على تسجيل شركة ذات مسؤولية محدودة تتألف من شخص واحد))( ) 
ولا نرى ضيرا من تكوين وحدة اقتصادية على شكل شركة من شخص واحد إذا توافرت لديه مستلزمات تكوينها ( القدرة : المالية، الإدارية والفنية )، بدلا من أن يدفع إلى اللجوء صوريا إلى مشاركة الزوجة أو الابن أو العامل بشروط خاصة وهو ما يحصل في الشركات المحدودة المسؤولية في كثير من الحالات . كما لا نرى ضيرا في استعارة شكل الشركة المحدودة المكونة من شخص واحد حسب ما لاحظنا من أحكام القانون الأردني تقوم على أساس فصل الذمة المالية للشخص بين ما هو موظف في المشروع الاقتصادي الذي اتخذ شكل شركة وبين ما هو خارجها، وأساس فصل الذمة المالية في هذه الحالة ينهض على نص خاص هو ( قانون الشركات ) . وقد عدلت الفقرة رابعا من المادة 6 الخاصة بالمشروع الفردي، لتقرأ : (( يتكون المشروع الفردي من شخص طبيعي أو الشركة المحدودة ذات المالك الواحد من شخص طبيعي أو معنوي واحد )) فقد أبقى التعديل على شركة المشروع الفردي بخصائصها التي جاءت بها في القانون رقم 21 لسنة 1997 المنقولة عن قانون 1983 . وبجانب ذلك أباح تكوين شركة محدودة من شخص واحد، تقوم على أساس فصل الذمة المالية، لأنها خاضعة لأحكام الشركة المحدودة . 
وعليه فأن القانون العراقي يعرف نوعين من الشركات التي تتكون من شخص واحد . الأولى وهي التي كانت معروفة في القانون قبل التعديل . تتكون من شخص طبيعي واحد وتتداخل أموال المشروع مع أموال صاحب المشروع الذي يسأل عن التزامات المشروع بكل أمواله أما الثانية فهي التي انبثقت بعد تعديل القانون، حيث تتكون شركة أيضا من شخص واحد ولكن لا يشترط فيه أن يكون طبيعيا، إنما قد يكون طبيعيا أو معنويا حسب النص الذي اشرنا إليه . كذلك لا تمتد المسؤولية عن التزامات المشروع إلى الأموال الشخصية لصاحب المشروع. 
ويشار إلى مشروع قانون موحد للشركات في مصر، يقضي بإباحة تكوين مشروع اقتصادي من شخص واحد يستعير أحكام الشركة محدودة المسؤولية، من حيث حدود مسؤولية المشروع وقد أطلق مشروع القانون على هذا الكيان بـ ( مشروع الشخص الواحد ) ويفضل البعض هذه التسمية على إطلاق مصطلح شركة، لأن الأخيرة تتطلب اشتراكا . 
ومسؤولية المشروع محدودة بمقدار المبلغ الذي وضع كرأس مال للنشاط، وأعلن عنه، أما بغير الإعلان فتكون المسؤولية غير محدودة ( م 148). كذلك وضعت في المشروع أحكام لا نرى ما يماثلها في القانون العراقي أو الأردني، وهذا الكلام يقتصر على الشركة المحدودة المؤلفة من شخص واحد، أما الكيان القانوني الذي نظم أحكامه قانون الشركات العراقي، فأن صاحبه مسئول بصورة مطلقة عن التزامات المشروع. 
ومما أورده مشروع القانون المصري لا يجوز تعامل المشروع مع صاحب المشروع إلا وفق الشروط التي يتعامل بها مع الغير وطبقا لنشاط المشروع . 
كذلك يحظر على الشخص تكوين أكثر من مشروع، كما يحظر على المشروع أن يكون مؤسسا لأي شخص معنوي أخر ( م 115 )( ) . 
الأشخاص الذين لهم حق المشاركة في تكوين الشركات : 
نرى اضطرابا واضحا لدى المشرع العراقي بخصوص تحديد الأشخاص الذين يحق لهم تأسيس الشركات أو المشاركة فيها، أو شراء حصة فيها حسب القانون العراقي . 
فقد اشترط قانون 1983 الملغي على العراقيين الإقامة داخل العراق أو الوطن العربي والغي الشرط الخاص بالإقامة بموجب قانون 1997 وأبقى على شرط واحد في السماح للعراقي، هو أن لا يكون ممنوعا قانونا . 
وبعد أن ساوى قانون 1983 بين العرب والعراقيين في المشاركة أو تأسيس الشركات، اشترط قانون 1997 أن تقتصر المشاركة على شركات الأموال فقط ولا يسمح المشاركة في شركات الأشخاص . وقد صدر قرار من مجلس قيادة الثورة السابق رقم 23 لسنة 1994 منع العرب من تكوين الشركات أو المشاركة في تكوينها . ويفهم من نصوص قانون 1983 الملغي وقانون 1997 عدم السماح للأجانب ـ غير العرب ـ من المشاركة في تكوين الشركات، لأن النصوص تحدثت فقط عن العراقيين والعرب ( م 12 في القانونين )، في حين تسعى التشريعات لغالبية الدول إلى تشجيع الاستثمار الذي يعني السماح بدخول رؤوس الأموال الأجنبية وفق ضوابط تحمي المواطن والاقتصاد الوطني . 
وعليه نرى أن يفتح الباب أمام الأشخاص أي كانت جنسية الشخص، وكذلك طبيعيا يكون الشخص أو معنويا في الاستثمار الذي يأخذ شكل الشركات التي يسمح القانون بتأسيسها في العراق . ولا يقيد هذا السماح بتقديرنا إلا شرطين : 
الأول : أن لا يكون الشخص ممنوعا قانونا . كأن يكون قد ساهم في جرائم تخريب الاقتصاد الوطني، كتزوير العملة، ويستطيع المسجل أن يستخدم هذا القيد عند الموافقة على تأسيس الشركة( ) . والقيد الثاني : أن تقتصر المشاركة بالنسبة للأجنبي وحتى للعراقي غير المقيم في العراق على شركات الأموال ( المساهمة والمحدودة ) لصعوبة الوصول إلى الأموال الشخصية التي تكون خارج العراق، عندما يسأل شخصيا عن ديون الشركة كما هو الحال في الشركات التضامنية مثلا : أو يقدم غير المقيم في العراق ضمانات مجزية كأن يكون غير المقيم مالكا لأموال داخل العراق أو بمشاركة العراقيين من ذوي المكانة المالية المرموقة، أما بغير ذلك فينبغي أن يوصد الباب بوجه الأشخاص الأجنبية عن تكوين أو المشاركة في شركات الأشخاص . وقد عدلت المادة 12 من القانون لتقرأ (( للشخص الطبيعي أو المعنوي الحق في اكتساب عضوية في الشركات المنصوص عليها في هذا القانون كمؤسس أو حامل أسهم أو شريك، ما لم يكن ممنوعا من مثل هذه العضوية بموجب القانون أو استنادا لقرار محكمة صادر عن محكمة مختصة أو جهة حكومية مخولة )) . 
وكما نرى فأن المشاركة مفتوحة لغير المقيم في شركات الأموال أو الأشخاص، وكما ذكرنا فأن المشاركة في الأخيرة غير مقبول بتقديرنا، ويعزز هذا النص ما ورد في قانون الاستثمار( ) .

المبحث الثالث 
تقديم حصة من مال أو عمل 
لا تستطيع الشركة النهوض بأعبائها بغير رأس مال يكفي لمواجهة هذه الأعباء، ويتكون رأس المال من الحصص التي يقدمها الشركاء، ولا يكون شريكا في الشركة من لا يقدم حصة في رأس المال . 
ويمثل رأس المال الضمان لدائني الشركة، إضافة إلى ما لدى الشركة من موجودات ويقدر رأس المال بالنقود، ايا كانت الحصص التي قدمها الشركاء. وتشترط المادة 26 من قانون الشركات العراقي أن يحدد رأس المال بالدينار العراقي . 
أما نوع الحصة التي يقدمها الشركاء : 
1- قد تكون الحصة نقودا وهو الغالب والأنسب، مادام رأس المال يقدر بالنقد ولا يشترط في الحصص التي يقدمها الشركاء المساواة . 
2- ويمكن أن تكون الحصة أعيانا وذا كان قانون الشركات لم يفصح عن ذلك، فيمكن أن يفهم من الإطلاق الذي وردت فيه كلمة مال في التعريف حسب المادة 4 . 
وقد أشارت التشريعات المقارنة إلى الأموال العينية صراحة( ) . 
وتحدد الحصة العينية التي يقدمها الشريك بالنقود ولا يتدخل المشرع عادة في تقدير النقود المساوية للحصة العينية في شركات الأشخاص التضامنية في القانون العراقي لان الشركة تقوم على عدد محدود من الشركاء تجمعهم صلات قائمة على المعرفة والثقة . لكن المشرع تدخل في شركات الأموال فبين كيفية تقدير الأعيان التي تقدم في هذه الشركات للحصول على الأسهم (م 29) وسنتناول ذلك في حينه . 
وقد تقدم الأعيان على سبيل التملك . أي أن الشريك يتنازل عن المال ليدخل في ملكية الشركة، وعلى الرغم من أن الأمر لا يعد بيعا لأن نقل الملكية لا يكون إلا مقابل ثمن إلا أن أحكام البيع تنطبق عليه كما يرى البعض ذلك ( ) . 
وتطبق على نقل ملكية المال إلى الشركة، الأحكام الخاصة بنوع المال، فإذا كان عقارا مثلا، لا تنتقل ملكيته إلا باستيفاء التسجيل في السجل العقاري في دائرة تسجيل العقار. وبانتقال ملكية المال إلى الشركة وتسليمه فأن هلاك المال يقع عليها باعتبارها المالك الجديد، أما إذا وقع الهلاك قبل ذلك أو قبل التسليم فأنه يهلك على صاحب الحصة، حيث يطلب منه تقديم مال بديل . وعند تصفية الشركة لا يعاد المال إلى الشريك حتى إذا كان موجودا، لأنه أصبح جزء من أموال الشركة , ويعد الأصل تقديم الحصة على سبيل التمليك، ولكن قد يكون تقديم المال على سبيل الانتفاع، وفي هذه الحالة لا يخرج المال من ذمة الشريك، وإذا هلك في أي وقت، وجب تقديم مال يحل محله وبخلاف ذلك تنقضي شراكته. كما يعاد المال إلى صاحبه عند تصفية الشركة أن كان ممكننا، وإلا يعوض عنه. 
وقد تكون حصة الشريك التي يقدمها للمشاركة برأس المال . حقا له لدى الغير، فلا يكون مقدما لحصته إلا من تاريخ استيفاء الشركة لهذا الحق من الغير , وهذا كما يقال خلاف ما تقضي به أحكام حواله الحق، في ضمان وجود الدين عند الاحالة، إنما يلتزم المدين أيضا بيسار المدين عند المطالبة، حماية للشركة في تكوين رأس المال( ) . 
وتحرم بعض التشريعات أن تكون حصة الشريك ما يتمتع به من سمعه تجارية أو نفوذ( ) .بينما يسمح قانون الموجبات اللبناني في المادة (850) أن تكون حصة أحد الشركاء الثقة التجارية التي يتمتع بها( ) . وأمام سكوت القانون العراقي عن الموقف من السمعة التجارية نرى انه لا مجال لاعتمادها كحصة يمكن أن يقدمها الشريك، خشية التداخل مع ما يتمتع به الشخص من نفوذ اجتماعي أو سياسي، ولأن التعريف في قانون الشركات يقضي أن يقدم الشريك حصة من مال أو عمل، والمال (( كل شيء يصلح أن يكون حصة في الشركة))( )، وتحرم بعض النصوص في التشريعات موضوع المقارنة تقديم حصة في الشركة تعتمد النفوذ أو السمعة المالية( ) . 
الحصة : عمــــــل 

قد تكون الحصة التي يقدمها الشريك عملا، وهي ما تعرف بالحصة الصناعية، وقد أشار التعريف في المادة الرابعة من قانون الشركات إلى إمكانية أن تكون الحصة عملا . 
والشركات التي يغطيها التعريف هي ( المساهمة، المحدودة، التضامنية والمشروع الفردي ) لأن الشركة البسيطة كما أوضحنا ذلك افرد لها المشرع أحكاما خاصة وتعريفا خاصا بها . وبالنسبة لهذه الشركات، المساهمة والمحدودة حسب القانون العراقي هي شركات ينقسم رأس المال فيها إلى أسهم اسمية نقدية متساوية القيمة وغير قابلة للتجزئة )) 
فالقانون يشترط أن يكون المقابل للحصول على الأسهم نقودا، ومن غير المتصور تقدير ما يقدمه الشريك من عمل ابتداء، لأن تقديم العمل يمتد طيلة حياة الشركة . ولا يمثل العمل جزء من رأس المال، ولا يكون ضمانا للدائنين، لأنه لا يمكن الحجز عليه، وفي هذه الشركات ( المساهمة والمحدودة )، يقتصر ضمان الدائنين على رأس المال . 
وفي هذا المقام نشير إلى كون المشرع الفرنسي وكذا المصري، حظرا أن تكون مساهمة الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة عملا، وإذا كان المشرع الفرنسي يبيح في هذه الشركات أن ينص نظام الشركة على جواز تقديم العمل فيها فقد تعرض هذا التوجه للانتقاد وكذلك حرم القانون الفرنسي والمصري أن تكون الأسهم في الشركة المساهمة مقابل العمل، وسبق ذلك القضاء( ) . 
أما بالنسبة لصاحب المشروع الفردي، فله الحرية في أن يقدم عمله، على أن ذلك لا يمثل رأس المال ولابد من تقديم رأس المال المقدر بالنقد، سواء كان من النقود أو الأعيان، قبل صدور شهادة تأسيس المشروع كما تقضي بذلك المادة 53 من قانون الشركات( ) . 
تظل من الشركات الأربعة التي أشرنا إليها، الشركة التضامنية , ولا يحول في هذه الشركات حائل دون تقديم شريك أو أكثر عملا . وإذا كانت المادة 53 التي ذكرناها تقضي بأن يقدم رأس المال وبالكامل قبل صدور شهادة تأسيس الشركة، فمن المعلوم أن حصة العمل لا تدخل في تكوين رأس المال، لعدم إمكانية الحجز عليها، ولأن العمل لا يمكن أن يقدم دفعة واحدة أثناء تأسيس الشركة أو في فترة محددة، إنما يكون تقديم العمل مستمرا . 
أما الشركات البسيطة فقد جاء النص واضحا في إباحة تقديم العمل كحصة في الشركة، فالمادة 181 تنص على أن (( تتكون الشركة البسيطة من عدد من الشركاء لا يقل عن اثنين ولا يزيد على خمسة يقدمون حصصا في رأس المال أو يقدم واحد منهم أو أكثر عملا والآخرون مالا )) وبصورة عامة يشترط في العمل الذي يقدم، أن يكون ذو فائدة واضحة للشركة، ليس من الأعمال التافهة التي تؤدي من أي شخص( ) . وإذا قدم مثل هذا العمل فلا يكون صاحبه شريكا، إنما أجيرا أو عاملا، ولذلك فأن عمل المهندس والخبير في شؤون التسويق مثلا يمكن أن تمثل حصص لمقدميها في رأس المال كذلك يثار في موضوع حصة العمل، مصير ثمار العمل براءة الاختراع التي يحصل عليها من يقدم حصته عملا فهل ثمارها له أم للشركة ؟ وثمار العمل من نصيب الشركة، إلا براءة الاختراع فهي للشخص مقدم العمل إلا إذا جرى الاتفاق في الحالتين خلاف ذلك . 
والمادة 10 من قانون الشركات القطري تنص على (( وإذا كانت حصة الشريك عمله فكل كسب ينتج عن هذا العمل يكون من حق الشركة ما لم يكن الشريك قد حصل على هذا الكسب من حق براءة اختراع إلا إذا اتفق على ذلك. ويمتنع على الشريك الذي تكون حصته عمله أن يمارس نفس العمل لحسابه الخاص )) 
وقبل الانتهاء من الموضوع، لابد أن نتطرق إلى دفع الحصة المالية التي يقدمها الشريك في رأس المال، ونبادر إلى القول أن الحصة في الشركة المحدودة والتضامنية والمشروع الفردي تقدم دفعة واحدة وقبل صدور شهادة التأسيس أو شهادة التسجيل كما نرى (م 53) . 
وفي الشركات المساهمة يمكن أن تدفع قيمة الأسهم على أقساط نتناولها في حينها . وعليه لم يتبق إلا الشركة البسيطة التي لم ينظم موضوع دفع الحصة فيها المشرع. فإذا تخلف الشريك عن تقديم الحصة أو جزء منها، فنرى وكما يذهب لذلك الفقه بتطبيق القواعد العامة في استيفاء الديون، بينما يرى البعض احتساب فوائد وتعويض عن الأضرار التي تتعرض لها الشركة وهي أحكام مغايرة لحكم القواعد العامة ( ) وقد عالجت بعض التشريعات هذا الأمر فالمادة (16 من قانون دولة الإمارات ) تنص على انه (( يعتبر كل شريك مدينا للشركة بالحصة التي تعهد بها فأن تأخر في تقديمها عن الأجل المحدد لذلك كان مسئولا في مواجهة الشركة عن تعويض الضرر ... )) . 

المبحث الرابع 
اقتسام الأرباح والخسائر 


يسعى الشركاء إلى الحصول على الربح، ولكن قد يؤول مسعاهم إلى الخسارة، فيقتضي أن يتقاسم الشركاء الربح والخسارة، وهو ما يعبر عنه الفقه بنية المشاركة ( ) أو يرتبط به عادة . 
والمقصود بالربح الزيادة الإيجابية في الذمة المالية، أو هي زيادة في الأصول على الخصوم بموجب جرد سنوي وإعداد ميزانية كما هو معروف في الفكر المحاسبي والتطبيق ويختلف توزيع الأرباح والخسائر في شركات الأموال عنه في شركات الأشخاص فالنوع الأول من الشركات يقسم رأس المال فيها إلى أجزاء متساوية تسمى الأسهم، وعليه فأن توزيع الربح وكذا الخسارة تكون بمقدار ما يقتني المساهم من الأسهم . لأن نصيب السهم الواحد مساو لغيره في الحالتين ولا يجوز الاتفاق خلاف ذلك . أما رأس المال في شركات الأشخاص فيوزع إلى حصص قد تكون متساوية أو غير متساوية وإذا كانت المادة 73 / ثانيا من قانون الشركات تنص على أن (( يوزع الباقي من الربح أو جزء منه على الأعضاء حسب أسهمهم أو حصصهم حسب الأحوال )) بما يفهم منه أن التوزيع يكون حسب الأسهم أو الحصص ولا يجوز الاتفاق خلافه فأن هذا الأمر ينطبق على شركات الأموال لأن المادة 75 تنص على أن (( توزع الخسائر في الشركة التضامنية بالنسب المنصوص عليها في عقدها والمماثلة لنسب توزيع الإرباح فيها )) . ويستمد هذا النص قوته من الفقرة سادسا م 13 . حيث يفهم من النص انه بالإمكان الاتفاق في العقد على كيفية توزيع الأرباح ويكون مماثلا له توزيع الخسائر . وهو ما يذهب إلى إباحته غالبية الفقه ( ) . 
الاتفاق الوحيد غير المباح، والذي يؤدي إلى بطلان عقد الشركة . هو ما يعرف بشرط الأسد، كأن ينص العقد على حرمان احد الشركاء من الربح على الرغم من تحمله الخسارة أو على العكس من ذلك . أن يتضمن عدم مشاركة احد الشركاء في الخسارة، رغم تقاضيه الأرباح ويرجع سبب البطلان، إلى أن مثل هذا الاتفاق يتناقض مع الاشتراك في الأرباح والخسائر، الذي ينص عليه تعريف الشركة، ويتناقض أيضا مع نية المشاركة التي تجمع الشركاء . الحالة الوحيدة التي أباح فيها قانون الشركات إعفاء الشريك من الخسارة في الشركة البسيطة فقط، عندما يقدم الشريك حصته في رأس المال عملا، فالمادة ( 186 ) تنص على انه : (( أولا ـ إذا اتفق على أن احد الشركاء لا يساهم في الربح أو في الخسارة كان عقد الشركة باطلا . 
ثانيا ـ يجوز الاتفاق على اعفاء الشريك الذي لم يقدم غير عمله من المساهمة في الخسارة بشرط أن لا يكون قد تقرر له اجر عن عمله ( ) . 
ويرتبط توزيع الإرباح والخسائر بمبدأ نية المشاركة الذي تنهض عليه فكرة الشركة، وهذا المبدأ هو الذي يميز الشركة عن غيرها من الأوضاع القانونية التي تتداخل معها . الشركة كملكية المال على الشيوع واشتراك العمال في الأرباح والجمعيات التعاونية : 
ا
لشركة وملكية المال الشائع 
فتختلف الشركة عن ملكية المال على الشيوع، في كون الأخير عملا مفروضا على المشتركين بالشيوع نتيجة تملكم مالا لا يقبل القسمة، بينما الشركة عمل ايجابي سعى إليه الشركاء بإرادتهم . 
الشركة واشتراك العمال في الأرباح : 
تختلف الشركة أيضا عن حالة اشتراك العمال في المصنع عندما تكون الأجور حصة من الأرباح، فلا يتحول المصنع إلى شركة، لانعدام مبدأ المساواة بين الشركاء، فالعمال يؤدون عملهم بتوجيه وإشراف صاحب العمل في حين يتساوى الشركاء في الشركة من حيث الحقوق. 
الشركة والجمعية :
 
تختلف الشركة عن الجمعية، في كون هدف الأولى تحقيق الربح، بينما تسعى الجمعية إلى توفير الخدمات والسلع إلى منتسبيها، ولمس يكن الربح هدفا لها حتى لو حققته


الفصل الثاني 
الشخصية المعنوية Juridical person 
إن تأسيس الشركة يعني ظهور كائن قانوني له استقلاله المالي والإداري عن الشركاء وعليه أن مصطلح الشركة ينصرف فضلا عن العقد، إلى كيان اقتصادي ظهر بإجراءات تطلبتها القوانين، يتمتع بشخصية تصورية تتمتع بالحقوق وتفرض عليها الواجبات بما يشبه إلى حد كبير الأشخاص الطبيعية . ويؤدي هذا التصور إلى استقلال الشخص المعنوي، بحيث تصبح العقود والأموال بمجرد تأسيس الشركة عائدة لها وليس للأشخاص الموقعين على عقد تأسيسها . ويستمر الشخص في العمل حتى أن خروج الشركاء من الشركة، أو موت أعضاء مجلس الإدارة فيها، فلا يؤدي ذلك إلى انتهاء الشركة تلقائيا( ) . 
وجسد انفصال الشركة عن الشركاء فيها قرار حكم في قضية مشهورة عرضت على القضاء الانكليزي، المعروفة بقضية salomon v. salomon and co. ltd. ملخصها : أن سالمون تاجر جلود ولديه مصنع للأحذية، اضطرب عمله فحول نشاطه إلى شركة محدودة المسؤولية من سبعة أشخاص، هو وزوجته وأطفاله الخمسة وباع للشركة مصنع الأحذية بمبلغ مقداره (30000 جنيه) تسلم (20000 منها) وبقي دين على الشركة مبلغ (10000 جنيه)، صفيت الشركة بعد أن اتجهت نحو الإفلاس، وقد وجد المصفي أن أموال الشركة لا تكفي لسداد ما عليها من الديون، فأراد استبعاد دين سالمون من ديون الدائنين تأسيسا على أنه والشركة واحد . 
المحكمة وجدت خطأ هذا التصور، وقالت أن الشركة بمجرد تأسيسها تصبح شخصا مستقلا عن الأشخاص الموقعين على عقدها، وحتى إذا كان نشاطها هو ذات النشاط السابق، على تأسيس الشركة والأشخاص هم الذين يتسلمون الإرباح التي تدرها، فالشركة شخص قائم بذاته لا تعد وكيلا عن الشركاء ولا ضامنة لهم، كذلك لا يسال الشركاء شخصيا عن الشركة إلا بمقدار ما يحدده القانون( ) . 
وسنتناول تاريخ ظهور الشخصية المعنوية للشركة وانتهائها حسب القانون العراقي، ثم نبين النتائج التي تترتب على ظهور الشخصية المعنوية. وقبل ذلك ننوه إلى أن جميع الشركات حسب القانون العراقي تتمتع بالشخصية المعنوية، لان القانون لا يعرف شركة المحاصة التي لا تظهر للوجود وليس لها شخصية معنوية والمعروفة في اغلب التشريعات( ) 
أما متى تبدأ الشخصية المعنوية للشركة ؟ فمعروف أن قانون الشركات العراقي وضع أحكاما خاصة بأنواع أربعة من الشركات هي ( المساهمة، والمحدودة، التضامنية، المشروع الفردي ) استغرقت جل مواد القانون، ثم افرد بابا خاصا لنوع من الشركات أطلق عليها اسم الشركة البسيطة ( الباب السابع المواد 181 – 199 ) . 
وعليه فأن الشخصية المعنوية للأنواع الأربعة من الشركات تبدأ من تاريخ صدور شهادة تأسيس الشركة من المسجل، فالمادة (22) تنص على أن ((تكتسب الشركة الشخصية المعنوية من تاريخ صدور شهادة تأسيسها ))، لأن هذه الشركات بحاجة إلى الإجازة لبدء نشاطها( ) . 
أما الشركة البسيطة فتبدأ شخصيتها المعنوية من تاريخ إيداع نسخة من عقدها لدى مسجل الشركات، فالمادة 183 تنص على أن (( تكتسب الشركة البسيطة الشخصية المعنوية من تاريخ ايداع نسخة من عقدها لدى المسجل ))، أما انتهاء الشخصية المعنوية، فيكون بشطب اسمها من قبل المسجل، فالمادة 177 تبين (( أولا ـ على المسجل أن يصدر قراره بشطب اسم الشركة من سجلاته وينشر القرار بالنشرة وصحيفة يومية خلال عشرة ايام من تاريخ صدوره في إحدى الحالتين الآتيتين : ـ 
1- إذا وجد أن التصفية تمت على وفق القانون . 
2- إذا استغرقت إجراءات التصفية مدة تزيد على خمس سنوات من تاريخ صدور قراره بالتصفية وثبت للمسجل تعذر استكمال إجراءات التصفية. 
ثانيا ـ تعتبر الشخصية المعنوية للشركة منتهية من تاريخ صدور قرار شطب اسمها، ومن الثابت أن الشخصية القانونية للشركة تظل طيلة فترة التصفية التي قد تستغرق وقتا طويلا . 
أما الموضوع الأهم فيتعلق بالآثار القانونية لاكتساب الشركة الشخصية المعنوية وهذه الآثار تشبه إلى حد كبير آثار ولادة طفل وهي : 

1- الاسم 
2- الجنسية 
3- الموطن 
4- الذمة المالية المستقلة 
5- الأهلية 

وسنوضح هذه الآثار بإيجاز . 
1- اسم الشركة ( ) 
ما دامت الشركة شخصا، فيفترض أن يكون لها اسم يميزها عن غيرها من الأشخاص ويتكون اسم الشركة حسب القانون العراقي من عناصر ثلاثة : 
الأول : ـ نوع الشركة حيث يجب أن يتضمن اسمها ما هو نوعها وهو احد الأنواع الخمسة كما ذكرنا . لكي يعلم من يتعامل مع الشركة طبيعة الشركة التي يمكن معرفته من نوعها . والعنصر الثاني للاسم هو النشاط كالنقل والتامين والسياحة . 
أما العنصر الثالث للاسم فيختلف في شركات الأشخاص عنه في شركات الأموال . 
فلأهمية الاعتبار الشخصي في الأولى، يذكر اسم الشركاء أو بعضهم في الاسم . أما في شركات الأموال حيث يغيب الاعتبار الشخصي فيضاف اسم مبتكر، وقد أوضحت الفقرة أولا من المادة 13 عندما نصت على : (( اسم الشركة المستمد من نشاطها، يذكر فيه نوعها مع إضافة كلمة مختلطة إن كانت مختلطة واسم احد أعضائها في الأقل إن كانت تضامنية أو مشروعا فرديا( )، ويجوز إضافة أية تسمية مقبولة إن كانت مساهمة أو محدودة )) . 
2- الجنسية 
تقتضي الاعتبارات العملية، واعتبارات الرقابة على الشركة أن يكون لها جنسية . ويتبنى الفقه معايير مختلفة لتحديد جنسية الشركة، فقد يرتبط الأمر بمكان نشاط الشركة، أي أن الشركة تأخذ جنسية الدولة التي تعمل على أراضيها، بينما يذهب معيار آخر إلى اعتماد مكان وجود المقر الرئيسي للشركة، حيث تأخذ جنسية دولة المقر، ويتبنى هذا المعيار الأستاذ الدكتور محسن شفيق (المصدر السابق، 181 ) . ومعيار ثالث يتبنى جنسية الشركاء، أو جنسية رأس المال، ولكل من المعايير المذكورة المطاعن التي تؤخذ عليه، لكننا نرجح المعيار الذي اعتمده القانون العراقي، حيث تكتسب الشركة جنسية الدولة التي ظهرت الشركة للوجود بموجب قوانينها، لأن الشركة شخص، ويحتاج الشخص إلى ولادة، وولادة الشركة شهادة تأسيسها، وعليه فأن جنسيتها هي جنسية الدولة التي ظهرت الشركة إلى النور بموجب قوانينها والمادة 23 من قانون الشركات العراقي تنص على أن (( تكون الشركة المؤسسة في العراق وفق أحكام هذا القانون عراقية . (( وقد اشترط القانون أن يكون المقر الرئيسي للشركة في العراق ( الفقرة ثانيا / م 13 )، وبناء على ذلك فلا ترابط بين جنسية الشركة وجنسية الشركاء، إذ قد يكون الشركاء ممن لا يحملوا الجنسية العراقية ومع ذلك تكون الشركة عراقية لأنها ظهرت بموجب القانون العراقي . 
3- الموطــــن : 

للشركة موطن . 
عرف القانون المدني في المادة 42 الموطن بأنه (( .. المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة بصفة دائمة أو مؤقتة ويجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن واحد، فالموطن هو محل الإقامة، أو محل النشاط كما يشير لذلك القانون المدني في ( م 44 ) ويفيد الموطن كعنوان للتبليغ، أو المراسلات أو إقامة الدعاوى أو تحديد المحكمة المختصة بالإفلاس، وموطن الشركة حسب قانون الشركات العراقي بينته الفقرة ثانيا من المادة 13 (( المركز الرئيس للشركة على أن يكون في العراق )) وإذا كان القانون، لم يطلق على ذلك الموطن فهو المقصود بالنص، أو نقول أن الموطن حيث يوجد المركز الرئيس، وقد اعتمد الفقه هذا المعيار( ) . والموطن هو المكان الذي توجد فيه الأجهزة التي تدير الشركة، حيث تباشر نشاطها فيه . وإذا كان الأصل أن يكون المقر الرئيس في مكان نشاط الشركة فلا ضرورة لهذا التطابق، حيث قد يكون نشاط الشركة في مكان أو أماكن . ومقر أو موطن الشركة في مكان آخر . 
4- الذمة المالية المستقلة : 
من أهم النتائج المترتبة على اكتساب الشركة الشخصية المعنوية، أن يكون لها ذمة مالية مستقلة عن الذمم المالية للشركاء، فالشركة كونها شخصا قانونيا لا يمكن أن تفي بالتزاماتها وتقوم بأنشطتها بغير أن تكون لها ذمة مالية، وتقضي المادة 27 من قانون الشركات العراقي (( يخصص رأس مال الشركة لممارسة نشاطها المحدد في عقدها ووفاء التزاماتها ولا يجوز التصرف به خلاف ذلك )) ويبنى على أن للشركة ذمة مالية مستقلة أن : 
أ – أموال الشركة ملك للشركة، ولا تعد مالا شائعا بين الشركاء، لأن الشيوع ينقضي بإرادة أي من المشتاعين، بينما لا يستطيع الشريك في الشركة أن يستعيد الحصة التي اشترك فيها برأس المال . لأن ما يدفع من الحصص يصبح ملكا للشركة في الغالب وليس للشركاء إلا حق احتمالي في الأرباح، وحصة تتناسب مع ما قدمه عند تصفية الشركة، وهذا الحق هو مال منقول دائما حتى لو كان ما قدمه الشريك عقارا . 
ب – أموال الشركة ضمان لدائنيها، ليس بمقدور دائني الشركاء الحجز عليها اعتمادا على أن للشريك المدين حصة في رأس المال( ) . ويختلف الأمر في شركات الأموال عنه في شركات الأشخاص . لأنه في الأولى يجوز الحجز على الأسهم وعرضها للبيع لأن رأس المال يظل ثابتا، وما يتبدل هو المالك للأسهم ولا أهمية لتبدل الشريك في هذه الشركات لأنها مغفلة فالمادة 72 / أولا تقرر انه يجوز حجز الأسهم المملوكة للقطاع الخاص في الشركة المساهمة والمحدودة)) أما في شركات الأشخاص، حيث يبرز الاعتبار الشخصي، فلا يجوز الحجز على حصة الشريك . لأن الحجز معناه أن يتبعه البيع في الغالب وهو ما يؤدي إلى أن يحل شخص محل آخر في ملكية الحصة، وفي ذلك تغيير لعقد الشركة ويمكن أن يكون سبب في انحلالها ولذلك تحرم الفقرة الثانية من المادة 73 الحجز على الحصة في الشركة التضامنية وفي المشروع الفردي والبسيطة، إلا لدين ممتاز . 


وسبب الاستثناء أن الجهات المشار إليها، تعد جهات استثمارية قد توظف أموالها في الشركات لكنها لا ترغب أن تتحمل اعباء تحول الشركة إلى مختلطة، وقد ورد الاستثناء مطلقا في حدوده، أي أن تجاوز نسبة إلى 25 % بلا تحديد . 
وبناء على ذلك تكون الشركة مختلطة عندما تصل مشاركة الدولة في رأس المال إلى 25 % فأكثر وقد اخضع القطاع المختلط إلى قانون الشركات الخاصة فالمادة 3 من القانون تنص على أن (( يسري هذا القانون على الشركات المختلطة والخاصة . )) وبتقديرنا أن تجربة القطاع المختلط في العراق، خاصة بعد إلحاق هذا القطاع بقانون الشركات الخاصة، كانت تجربة غير ناجحة، ويمكن القول بحق أنها استعارت مساوئ القطاعين الخاص والعام بدلا من استعارة محاسنهما( )، مثال على ذلك أن المدير المفوض للشركات المختلطة الذي يفترض أن يعين من قبل مجلس الإدارة وهو الذي يحدد صلاحياته ومكافأته ويستطيع عزله (م121/أولا) : كان يعين من جهات إدارية( )،وبذلك يأتي مديرا مفوضا للشركة وهو يشعر بالتفوق على مجلس الإدارة ويبدأ الصراع بين الجهتين . 
وعليه نرى أن الدولة إذا وجدت أن ميدانا مهما يفترض أن تلجه، بإمكانها أن تنشأ شركة عامة وحسب أحكام قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997، مما يدفع الشركات الخاصة في هذا الميدان للتنافس معها إذا أدت واجبها بكفاءة . أما إذا كانت ترغب في المشاركة تشجيعا للقطاع الخاص الذي قد يتردد في ولوج ميدان معين، فيقتضي أن يمتد التشجيع إلى المساواة في الإدارة، حيث تكون الدولة حالها حال الأفراد في التنافس على إشغال مراكز الإدارة في الشركة وهو ما تقضي به التشريعات التي تناولنا أحكامها بالمقارنة ( )، أو أن يكون عدد ممثلي الدولة في مجلس الإدارة يتناسب مع حجم مساهمتها في رأس المال . 
وتكون الشركة عامة كما بينا عندما يكون رأس المال مملوكا بكامله للدولة . وقد صدر قانون خاص بالشركات العامة هو القانون رقم22 لسنة 1997 بين كيفية إنشاء الشركة، ومزاولة نشاطها وإدارتها وانقضائها وتصفيتها . ولم يجمع الشركات العامة قانون موحد قبل صدور القانون المذكور إنما كانت تؤسس الشركة بموجب قانون موحد قبل صدور القانون المذكور إنما كانت تؤسس الشركة بموجب قانون خاص يبين نشاطها وحجم رأس المال فيها وإدارتها، وأحكام انقضائها . وسنتناول أحكام الشركات العامة في مكان لاحق . 
ثالثا ـ شركات الأشخاص وشركات الأموال . 

يعد هذا التقسيم من التقسيمات المهمة، لأنه يتردد كثيرا موضوع التمييز بين شركات الأشخاص وشركات الأموال . وعليه لابد من معرفة خصائص كل نوع من النوعين المذكورين ويمكن المقارنة بينهما كالأتي : 
1- لا شك أن الأشخاص ورأس المال لهما الأهمية في حياة جميع الشركات لكن بعض الشركات، تكون الأهمية للأشخاص اكبر من أهمية رأس المال، وعلى العكس يكون رأس المال هو الأهم في شركات أخرى، وعليه يطلق على الشركات التي يعلو فيها الاعتبار الشخصي، شركات الأشخاص . بينما تطلق تسمية شركات الأموال على الشركات التي يتراجع فيها دور الأشخاص ويبرز رأس المال كمؤشر لنجاحها وثقة الأغيار بها . 
2- في شركات الأشخاص حيث الاعتبار الشخصي هو الأهم، لابد من إبراز أسماء الأشخاص موضع ثقة الغير، ويكون الإبراز بأن يتضمن اسم الشركة أسماءهم أو أسماء البعض منهم حيث تنص الفقرة أولا من المادة 13 ((...واسم احد أعضائها في الأقل أن كانت تضامنية أو مشروعا فرديا..)) بينما تعتمد شركات الأموال، على السمعة المالية للشركة، فلا تظهر أسماء الأعضاء في اسمها، وإنما لها اسم مبتكر حيث تنص الفقرة التي اشرنا إليها (( .. وتجوز إضافة أية تسمية مقبولة أن كانت مساهمة أو محدودة )) . 
3- تجمع الشركاء في شركات الأشخاص المعرفة والثقة، لذلك فهي شركات مغلقة ليس من السهولة أن يتركها الشريك أو أن يدخل شخص أجنبي كشريك فيها والمادة 69 / أولا من قانون الشركات تبيح للشريك أن ينقل ملكية حصته إلى الشركاء الآخرين ولكن نقلها إلى الغير مشروط بموافقة الشركاء الآخرين بالإجماع . بينما تعد شركات الأموال مفتوحة . من السهولة أن يتركها الشريك أو أن يدخلها شريك جديد، خاصة في شركات المساهمة التي تعرض أسهمها في سوق الأوراق المالية وتبنى على مبدأ حرية تداول الأسهم، فأي شخص يبيع أسهمه في سوق المال تنتهي عضويته في الشركة وأي شخص يشتري الأسهم من السوق المذكورة يكون شريكا فيها . 
4- في شركات الأشخاص، عندما يقال بأن الثقة بالشركة مستمدة من الثقة بالشركاء، فأن هذه الثقة مبنية على المكانة المالية التي يتمتع بها هؤلاء الشركاء ولتعزيز الثقة بالشركة، فأن التشريعات تجعل مسؤولية الشركاء عن ديون الشركة مسؤولية شخصية ( مطلقة ) وتضامنية في الشركات التي يتعدد فيها الشركاء فالمادة 35 تنص على أن يسأل كل ذي حصة في الشركة التضامنية والمشروع الفردي، مسؤولية شخصية وغير محدودة عن ديون الشركة، وتكون مسؤوليته تضامنية أيضا في الشركة التضامنية .وتعني المسؤولية الشخصية أنها تمتد إلى أموال الشريك الشخصية، التي خارج الشركة . بينما تكون المسؤولية عن ديون الشركة في شركات الأموال، محدودة بمقدار المساهمة برأس المال ( م 6 / أولا وثانيا ) وكذلك تنص المادة 33 انه (( لا يسأل المساهم عن ديون الشركة إلا بمقدار القيمة الاسمية للأسهم التي يملكها .)) 
5- يكتسب الشريك في شركات الأشخاص صفة التاجر( )، لمجرد كونه شريكا في شركة تضامنية أو صاحب مشروع فردي . ولم يتضمن القانون العراقي نصا يفيد هذا المعنى . إنما يمكن أن يفهم ذلك من نص المادة 36 (( إذا أعسرت الشركة اعتبر كل شريك فيها معسرا )) لأن المقصود بالإعسار هو الإفلاس، ومعلوم أن الإفلاس لا يقع على غير التاجر . كان من المستحسن لو أن المشرع أورد نصا يفيد هذا الحكم كما فعلت التشريعات التي اشرنا إليها . 
6- يؤدي إفلاس الشركة إلى إفلاس الشركاء في شركات الأشخاص / كما هو واضح من النص الذي اشرنا له في الفقرة السابقة . بينما لا يؤدي إفلاس شركة الأموال إلى إفلاس الشركاء، ومرد ذلك المسؤولية المطلقة للشركاء في الأولى والمسؤولية المحدودة بمقدار المشاركة برأس المال في الثانية . 
أما في الحالة العكسية، أي إفلاس الشريك أو الشركاء، فأنه لا يؤدي إلى إفلاس الشركة في نوعي الشركات ( الأشخاص والأموال )، إنما قد يؤدي إفلاس الشريك أو الشركاء إلى انقضاء الشركة في شركات الأشخاص عندما تكون شخصية المعلن إفلاسه محل اعتبار . 
7- تقسيم رأس المال : 
يمكن أن يكون احد الفروق طريقة قسمة رأس المال، فيقسم في شركات الأشخاص إلى حصص قد تكون متساوية أو غير متساوية . بينما يقسم رأس المال في شركات الأموال إلى أجزاء متساوية هي الأسهم( ) . 
المبحث الثاني 
أنواع الشركات حسب قانون الشركات العراقي 


قبل أن نبين أنواع الشركات كما وردت في القانون العراقي، نشير إلى الأنواع المعروفة في غالبية القوانين العربية وكان يعرفها قانون الشركات الأسبق الملغي لسنة 1957 . 
وهذه الشركات هي( ) : 

التضامن 
التوصية البسيطة 
المحاصة وهذه الشركات الثلاث هي شركات الأشخاص 
المساهمة 
ذات المسؤولية المحدودة 
التوصية بالأسهم وهذه شركات الأموال 
أما في قانون الشركات العراقي النافذ فهي: 
التضامنية 
المشروع الفردي 
البسيطة 
المساهمة 
المحدودة 

لكن القانون رتب الشركات حسب أهميتها على الشكل الأتي ( ) : 
المساهمة 
المحدودة 
التضامنية 
المشروع الفردي 

ثم أورد بابا في أخر القانون هو الباب السابع تناول فيه الشركة البسيطة . 

ابن سوريا
Admin

عدد الرسائل319
تاريخ التسجيل: 24/10/2007

tr11r رد: الشركات التجارية .. الدكتور لطيف جبر كوماني

مُساهمة من طرف ابن سوريا في السبت يناير 05, 2008 2:04 am
لكن القانون رتب الشركات حسب أهميتها على الشكل الأتي ( ) : 
المساهمة 
المحدودة 
التضامنية 
المشروع الفردي 
ثم أورد بابا في أخر القانون هو الباب السابع تناول فيه الشركة البسيطة . 1- شركة المساهمة : جاء في المادة 6 / أولا أن (( الشركة المساهمة المختلطة أو الخاصة، شركة تتألف من عدد من الأشخاص لا يقل عن خمسة يكتتب فيها المساهمون باسهم في اكتتاب عام ويكونون مسؤولين عن ديون الشركة بمقدار القيمة الاسمية للأسهم التي اكتتبوا بها)) . 2- الشركة المحدودة، المختلطة والخاصة (( .. شركة تتألف من عدد من الأشخاص لا يقل عن شخصين ولا يزيد على خمسة وعشرين يكتتبون فيها باسهم ويكونون مسؤولين عن ديون الشركة بمقدار القيمة الاسمية للأسهم التي اكتتبوا بها )) م 6 / ثانيا ( ) . 3- الشركة التضامنية : (( .. شركة تتألف من عدد من الأشخاص الطبيعيين لا يقل عن شخصين ولا يزيد على عشرة أصبح بعد التعديل ( 25 ) يكون لكل منهم حصة فيها ويكونون مسؤولين على وجه التضامن مسؤولية شخصية وغير محددة عن جميع التزامات الشركة )) م 6 / ثالثا . 4- المشروع الفردي : (( شركة تتألف من شخص طبيعي واحد يكون مالكا للحصة الواحدة فيها ومسؤولا مسؤولية شخصية وغير محدودة عن جميع التزامات الشركة )) ( ) م 6 / رابعا . 5- الشركة البسيطة : (( تتكون الشركة البسيطة من عدد من الشركاء لا يقل عن اثنين ولا يزيد على خمسة يقدمون حصصا في رأس المال أو يقدم واحد منهم أو أكثر عملا والآخرون مالا )) م 181 . هذه الأنواع التي بينها قانون الشركات وهي تختلف عن الأنواع التي تعرفها القوانين التي اشرنا إليها . فكما يلاحظ ألغيت شركات التوصية .التي تقوم على أساس نوعين من الشركاء، المتضامنون الذين لهم إدارة الشركة ويسألون عن التزامات الشركة بصورة مطلقة وتضامنية، والموصون الذين يسألون عن التزامات الشركة بمقدار الحصة التي قدموها للشركة وليس لهم المشاركة في الإدارة، لكي لا ينظر لهم كشركاء متضامنين . وهذا النوع من الشركات عرف منذ القديم، وهي تكون حلا لمشكلة غير كاملي الأهلية الذين يراد لهم المشاركة في الشركة / كما في حالات الوفاة مثلا( ) . كذلك ألغيت شركة المحاصة . وهي شركة لا تظهر للعلن على أنها شركة ولا تكتسب الشخصية المعنوية، لكنها كمشاركة شائعة في الحياة العملية، فكان من المستحسن تخصيص مواد تبين الأحكام لهذه الشركة لأشعار المتشاركين على أن القانون يحميها . 
أما شركات التوصية بالأسهم فهي نادرة الحصول في الحياة العملية في غالبية البلدان أما الاختلافات الأخرى مع القوانين العربية التي اشرنا إليها، فهي اختلافات في المسميات لا أهمية له ( التضامن، التضامنية ) وذات المسؤولية المحدودة . إلا أن القانون أورد نوعين من الشركات لا وجود لهما في تلك القوانين الأولى هي شركة المشروع الفردي وقد تحدثنا عنها، وسنكمل أحكامها عند تناول هذه الشركة . 
والثانية هي الشركة البسيطة، التي لا مثيل لها في القوانين العربية وسنتناول أحكامها أيضا في حينها . 
وقد أورد القانون أحكاما ضمن المواد التي بينت أنواع الشركات المواد (6 ـ 11 ) عدا الشركات البسيطة كما أوضحنا , فتضمنت المادة التاسعة / أولا ما يأتي : (( شركة الاستثمار المالي ـ شركة يكون نشاطها الأساس توجيه المدخرات نحو التوظيف والاستثمار في الأوراق المالية العراقية من أسهم وسندات وحوالات خزينة وفي ودائع ثابتة ))( )، وهذا النص قد يوحي وكأن شركة الاستثمار المالي، نوع آخر من الشركات يضاف إلى ما ذكر من أنواع، خاصة وأنها وردت ضمن المواد الخاصة بأنواع الشركات . والحقيقة غير ذلك فهي شركة نشاطها الاستثمار المالي أما نوعها فقد حدده القانون في المادة 10/ثانيا التي تنص على أنه (( يجب أن يأخذ شكل شركة مساهمة من يمارس أيا من النشاطات الآتية : 3ـ الاستثمار المالي.)) . فالشركة مساهمة بموجب الإلزام المذكور لا تدخل ضمن أنواع الشركات التي بيناها . 
كما أورد القانون إلزاما وأباحه للمشاريع الاقتصادية بأن تصبح شركات حسب الأنواع التي بينها، أما الإلزام فهو ما بينته المادة 10/أولا بأن تتحول المشاريع في ميادين (الصناعة،الزراعة،السياحة،والمقاولات) التي لا يقل رأس المال المستثمر فيها عن (10000000 عشرة ملايين دينار) إلى احد أنواع الشركات عدا البسيطة، لان الإلزام ورد في التحول حصرا ((... يجب أن يأخذ شكل شركة مساهمة أو محدودة أو تضامنية أو مشروع فردي.))، والنص منقول عن نص المادة 9 من قانون الشركات لسنة 1983 الملغي، الاختلاف بينهما فقط في حدود رأس المال، فبعد أن كان في القانون الملغي ( 100000 مائة الف دينار )، أصبح في القانون الحالي عشرة ملايين دينار، بسبب التضخم الذي طرأ على العملة العراقية . ولا نرى موجب للإلزام . فلماذا نكره الأشخاص على اتخاذ شكل معين لنشاطهم الاقتصادي، وإذا كان المشرع يرغب في أن تتخذ المشاريع الاقتصادية شكل شركة، فأن ذلك لا يكون بالإلزام، إنما في اعطاء الشركات امتيازات لا تتمتع بها المشاريع الأخرى، أما الإلزام فمن شأنه أن يدفع إلى مخالفة النصوص، وهو ما حصل مع قانون 1983 الملغي ويحصل مع القانون الحالي، فلم تتحول إلى شركات الكثير من المشاريع التي ينطبق النص عليها ( ) . 
خاصة وأن القانون يبيح لأي مشروع اقتصادي وفي أي قطاع، ومهما كان حجم رأس المال، أن يتخذ شكل شركة من أنواع الشركات التي يسمح بها القانون، فالمادة 11 تنص على أن (( كل مشروع اقتصادي غير مشمول بأحكام المادة (10) من هذا القانون يمكن أن يأخذ شكل شركة من الشركات التي نص عليها القانون )) . ولم نر مثل هذا الإلزام في القوانين العربية موضوع المقارنة. والإلزام الذي تعرفه بعض القوانين العربية، واعتمده القانون العراقي أيضا، اشتراط نوع معين من الشركات، في بعض الأنشطة الاقتصادية التي يرغب في مزاولتها الأفراد، فمزاولة نشاط مصرفي أو تأميني أو استثماري، يقتضي أن يكون إطاره القانوني شركة مساهمة، لا يجوز لغيرها وبذلك تنص المادة 10 / ثانيا من القانون على انه : (( يجب أن يأخذ شكل شركة مساهمة من يمارس أيا من النشاطات الآتية : 
1- المصارف . 
2- التأمين وإعادة التأمين . 
3- الاستثمار المالي . ))( ) 
وذلك لأهمية هذه الشركات في الأنشطة المذكورة، ولأنها بحجم كبير يفوق قدرات الفرد عادة، لذلك وجدت التشريعات المشار إليها ضرورة اللجوء إلى الجمهور في تكوين رؤوس أموالها . وبسبب خطورة هذه الأنشطة على الاقتصاد الوطني أخضعت إلى الهياكل القانونية التي يكون فيها بعض التشدد في التأسيس وفي الرقابة وفي التصفية، ولا يستوعب هذه الشروط بتقديرنا غير شكل الشركة المساهمة . 
وقد طال التعديل الذي اشرنا إليه المادة العاشرة فحذف النص على إلزام المشاريع القائمة أثناء صدور القانون بالتحول إلى شركات . كما أوضحنا ذلك وحسنا فعل هذا الإلغاء، لكن التعديل حذف أيضا إلزام المصارف أن تكون على شكل شركة مساهمة وظل الإلزام قاصرا على شركات التامين وإعادة التامين وشركات الاستثمار وبناء على التعديل من الممكن أن تتكون شركة مصرفية تضامنية بل حتى مشروع فردي بنوعية محدود المسؤولية وغير محدودها . ولا نرى صواب استبعاد الشركات المصرفية من الإلزام المذكور في أن تأخذ المصارف شكل الشركة المساهمة، لأهمية الشركات المصرفية في الحياة الاقتصادية، في قدرتها على تكوين رؤوس أموال كبيرة يقتضيها العمل المصرفي أو في إدارتها الجماعية مجلس إدارة، ولأن مراقب الحسابات في هذه الشركات ملزم بأن يدلي برأيه في حسابات الشركة أمام الهيئة العامة ( م 136 )، ولأن القوانين العربية موضوع المقارنة اعتمدت المبدأ المذكور، فبالإضافة إلى القانون الأردني المشار إلى نصه في الهامش، م 14 من قانون دولة عمان و م 52 من نظام الشركات السعودي . وبعد الوقوف على أنواع الشركات التي أباح تأسيسها قانون الشركات العراقي والوقوف على ما قرره التعديل الذي اشرنا إليه، ظلت الشركات في أنواعها حسب القانون العراقي خارج الأنواع المعروفة كإجماع لقوانين البلاد العربية، وللقانون الأسبق للشركات في العراق 1957 الملغي، ولأنواع الشركات المعتمد في النظام اللاتيني الذي تتبعه العديد من الدول، وهي شركات الأشخاص ( التضامن، التوصية البسيطة والمحاصة ) وفي شركات الأموال ( المساهمة، ذات المسؤولية المحدودة والتوصية بالأسهم ) ولا بأس من إضافة الشركة المحدودة ذات الشخص الواحد، لأنها تجسيد لمبدأ فصل الذمة المالية المعروفة في بعض القوانين . 
أما الإبقاء على الشركة البسيطة وعلى المشروع الفردي التي يسأل الشريك فيها مسؤولية مطلقة، فلا نرى نظيرا لها في القوانين الشائعة . كما أن استبعاد شركة التوصية البسيطة ذات الفئتين من الشركاء، يوصد الباب أمام تكوين شركات لا يسال فيها بعض الشركاء إلا بمقدار المساهمة برأس المال، وتحل إشكالية انضمام أشخاص غير كاملي الأهلية، كما يحصل عند الوفاة، وفي شركات المحاصة حماية للمتعاملين وفق أحكامها وهي شائعة في الحياة .

الفصل الرابع 
تأسيس الشركات 

تضمن الباب الثاني من قانون الشركات، وعنوانه تأسيس الشركة فصلين، الأول لمستلزمات التأسيس، أما الثاني فلاجراءات التأسيس، ومعلوم أن التأسيس يقتصر على الأنواع الأربعة من الشركات وهي ( المساهمة، المحدودة، التضامنية والمشروع الفردي ) وسنتناول أحكام الموضوعين المذكورين في مبحثين . 
المبحث الأول 
مستلزمات التأسيس
 
لابد من توافر مستلزمات حددها القانون لتأسيس الشركة، وأول المستلزمات إعداد عقد الشركة، لأن فكرة تأسيس الشركة تأخذ طريقها للتنفيذ عندما يضع المؤسسون عقدا يكون موضع التزام الموقعين عليه، ولأن القانون لم يتطرق إلى النظام حتى في الشركات المساهمة وهو نقص لاشك فيه ( ) . فلابد من تناول العقد بشيء من التفصيل . وقد بينت المادة (13 ) ما الذي يتضمنه عقد الشركة، ونصها : 
(( أولا : ـ اسم الشركة المستمد من نشاطها ( )، يذكر فيه نوعها مع إضافة كلمة (مختلطة) إن كانت مختلطة واسم احد أعضائها في الاقل أن كانت تضامنية أو مشروعا فرديا، وتجوز إضافة أية تسمية مقبولة إن كانت مساهمة أو محدودة . 
ثانيا : ـ المركز الرئيس للشركة على أن يكون في العراق . 
ثالثا : ـ هدف الشركة المؤكد لدورها في انماء جانب من جوانب الاقتصاد الوطني وفق خطط التنمية ( ) . 
رابعا : ـ نشاط الشركة المستمد من هدفها، على أن يكون ضمن احد القطاعات الاقتصادية وأي من القطاعات الأخرى ذات العلاقة بنشاطها . 
خامسا : ـ رأس مال الشركة وتقسيمه إلى أسهم أو حصص ( ) . 
سادسا : ـ كيفية توزيع الإرباح والخسائر في الشركة التضامنية . 
سابعا : ـ عدد الأعضاء المنتخبين في مجلس إدارة الشركة المساهمة الخاصة . 
ثامنا : ـ أسماء المؤسسين وجنسياتهم ومهنهم ومحلات إقامتهم الدائمة وعدد أسهم كل منهم أو مقدار حصته . )) . 
وقد أدخلت على النص تعديلات جوهرية، وجاءت التعديلات، كما هو حال كل التعديلات على القانون بلغة ركيكة . والتعديل الذي ادخل على الفقرة ثالثا أراد الابتعاد عن النص على انماء جانب من جوانب الاقتصاد الوطني وفق خطة التنمية . وإذا كان التعامل مع النص في السابق شكليا بتقديرنا، بحيث يضع مؤسسوا الشركة النص المذكور ضمن بنود العقد كما هو، فلا نرى في وجوده ضيرا، إذ لابد أن يكون للشركة دور في النشاط الاقتصادي . ولابد أن يكون الاقتصاد بشكل عام مخططا، حتى إذا كان يسعى للحرية الاقتصادية والانفتاح الاقتصادي فهذه خطة اقتصادية أيضا تحقق الشركة جانبا منها . 
وبتقديرنا لا توجد مشكلة في إلغاء الفقرة الخامسة التي تشير إلى تقسيم رأس المال إلى أسهم أو حصص، فوجود الفقرة، أو الابقاء عليها سواء . 
وقد بين القانون في المادة ( 14 ) على وجوب اعداد بيان من صاحب المشروع الفردي يحل محل العقد، ولو أن في العقد من الفقرات ما ينأى عن المشروع الفردي كالفقرة الخاصة بتوزيع الأرباح والخسائر، فلا يوجد تقسيم في حالة المشروع الفردي( ) . 
كما أن من مستلزمات التأسيس، أن يكتتب مؤسسوا الشركة المساهمة بالنسب التي حددها القانون ( م 15 ) ( ) وقد حدد القانون هذه النسبة في المادة (39 ) أولا عند تحديد اكتتاب المؤسسين في الشركة المختلطة وهي لا تقل عن 30 % ولا تزيد على 55 % من رأس المال الاسمي وأن يكون ضمن هذه النسبة حصة القطاع الاشتراكي ( أطلق عليه قطاع الدولة ) التي لا تقل عن 25 % من رأس المال الاسمي . 
وفي الفقرة الثانية من المادة حددت مساهمة المؤسسين بما لا يقل عن 20 % ولا يزيد على 51 % من نسبة الاكتتاب إلى رأس المال الاسمي . ولكن التعديل الذي اشرنا له أبقى على الحد الأدنى فقط من رأس المال بالنسبة للشركة الخاصة وهو 20 % وأطلق الحدود العليا لمساهمة المؤسسين . وقد جاءت حدود اكتتاب المؤسسين بموجب تعليمات تسجيل الشركات الصادرة عن وزارة التجارة برقم 196 في 15 / 3 / 2004 وقد حددها بالحدود الدنيا التي بينها القانون بعد التعديل لرأس مال جميع أنواع الشركات( ) . ويثبت هذا الأمر بموجب كشف مصرفي من مصرف يعمل بالعراق( ) بأن المؤسسين أودعوا المبالغ المحددة وفق التعليمات لدى المصرف . وفضلا عن الكشف المذكور يضاف بالنسبة للشركة المساهمة وثيقة الاكتتاب موقعة من قبل المؤسسين ودراسة الجدوى الاقتصادية للشركة . وإيداع جزء من رأس المال وإثباته بموجب كشف مصرفي إجراء سليم بتقديرنا ومطلوب من جميع أنواع الشركات لا يقتصر على الشركة المساهمة فقط . 
ويقوم بالأعمال المذكورة المؤسسين جميعهم في الشركات غير المساهمة أو وكيل عنهم كما يحصل في العمل، أما بالنسبة للشركة المساهمة فيختار المؤسسون لجنة تعرف باسم ( لجنة المؤسسين ) لا يقل عدد أعضاءها عن ثلاثة ولا يزيد على سبعة، تقوم بالأعمال التي يفترض أن يقوم بها المؤسسون الذين لا يتجاوز عددهم المائة ( م 16 / ثالثا ـ 1 ) ( ) ومن بين المهام التي تقوم بها لجنة المؤسسين التعاقد مع جهة مختصة لاعداد الجدوى الاقتصادية والفنية عن المشروع ( م 16 ) ثالثا ( 1 – أ ) . كما تقوم بمتابعة إجراءات التأسيس، وتقديم عقد تأسيس الشركة إلى المسجل وكذلك بيان الاكتتاب الذي سينشر عند الموافقة على تأسيس الشركة، وتقوم لجنة المؤسسين بالصرف على المتطلبات المذكورة إلى حين استكمال إجراءات التأسيس وفتح حساب مشترك باسم اللجنة لدى احد المصارف العاملة في العراق ـ بعد التعديل حيث كان النص قبله يقضي بفتح الحساب لدى احد المصارف العراقية . وتقوم بتثبيت القرارات التي اتخذتها اللجنة والأعمال والمهام التي أنجزتها، أفادت بهذه الأحكام الفقرات ( ج، د، هـ من الفقرة ثالثا 1 من المادة 16 ) . 
ويلتزم المؤسسون بالحصول على إجازة المشروع وقد عدلت لتقرأ ((الحصول على إجازة المشروع إن كان هذا لازما .. )) . 
وأخيرا تقوم اللجنة بإعداد تقرير عن المصاريف التي أنفقتها اللجنة على تأسيس الشركة وتدعو الهيئة العامة للتأسيس للإجماع . 
وتنتهي مهام لجنة المؤسسين لدى انتخاب مجلس الإدارة الأول في الاجتماع التاسيسي ويسأل أعضاء لجنة المؤسسين بصورة متضامنة أمام المؤسسين ( م 16 / ثالثا 2، 3 ) وسنبين إجراءات التأسيس قبل تعديل القانون وإجراءات التأسيس بعد التعديل ونقارن ذلك بما عليه الأمر في التشريعات العربية موضوع المقارنة . 


المبحث الثاني 
إجراءات التأسيس 

يقدم طلب بتأسيس الشركة إلى مسجل الشركات، وتوجد لدى المسجل نماذج للطلبات لكل نوع من أنواع الشركات . لغرض توحيد محتويات الطلبات . ويرفق مع الطلب عقد الشركة الذي بينا مضمونه ضمن مستلزمات التأسيس . ويرفق أيضا وثيقة اكتتاب مؤسسي الشركة المساهمة موقعة منهم، كذلك شهادة المصرف بإيداع النسبة القانونية من رأس المال، وكذلك تأييد الجهة القطاعية المختصة بقيمة الحصة العينية في رأس المال . 
لأن رأس المال قد يكون نقودا وقد يتضمن حصة عينيه، النقود تودع لدى مصرف ويستحصل استشهاد من المصرف بذلك يقدم مع الطلب، أما إذا كانت من الأعيان فيتم تقويم الأعيان الذي سنبينه في حينه حسب أحكام القانون وطبقا لنص المادة 29 بالنسبة للشركة المساهمة والمحدودة . ولا علاقة للجهة القطاعية المختصة في تقدير الأعيان في الشركتين المذكورتين . وكان المستحسن ترك الأمر للمؤسسين في تقدير الأعيان في الشركات الأخرى، على أن يكون مقدرا محاسبيا ومؤيدا من مراقب حسابات , وتركت القوانين المقارنة موضوع تقدير الأعيان للشركاء في الشركات غير المساهمة.كذلك يرفق مع الطلب دراسة الجدوى الاقتصادية والفنية في الشركة المساهمة مقدمة من مكتب معترف به، بينت ذلك المادة (17). 
وبعد أن يجد المسجل مطابقة الطلب مع متطلبات القانون، يفاتح الجهة القطاعية المختصة وهي الجهة التي تشرف على نشاط القطاع الذي يقع غرض الشركة ضمنه( ). ((للتأكد من انسجام هذا النشاط مع خطة التنمية والقرارات التخطيطية واستحصال مواقفها على الطلب)) (م 18 / أولا ـ 1) 
كذلك تسأل أية جهة أخرى ((.. أوجب قانون أو نظام أو تعليمات استحصال موافقتها على تأسيس الشركة)) (م 18/أولا ـ 2) . 
فقد تسأل دوائر الضريبة مثلا , وقد تسأل جهات الأمن بالنسبة للشركات السياحية أو يسأل البنك المركزي . 
ومطلوب من الجهات التي تسأل وفق الفقرة أولا ـ 1 ـ 2 ) أن تبدي موافقتها أو عدم الموافقة خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسلمها كتاب مسجل الشركات وفي ضوء رأي الجهات المذكورة يصدر المسجل قراره في الموافقة على طلب التأسيس أو رفض الطلب وخلال ستين يوما من تاريخ تسلم الطلب ويجوز لوزير التجارة أن يمدد هذه المدة ثلاثين يوما إذا تأخر وصول رد الجهات المطلوب استحصال موافقتها حسب المادة ( 18 ) . 
إذا توافرت الشروط في الطلب، على المسجل أن يدعو المؤسسين أو من يمثلهم قانونا للمصادقة على عقد الشركة امامه أو أمام موظف يخوله المسجل بذلك، وتدفع الرسوم المطلوبة وعلى المؤسسين الحضور خلال ثلاثين يوما من اليوم الذي يلي تاريخ تبليغهم بلزوم الحضور . فأن لم يحظروا دون عذر مشروع يجوز للمسجل أن يعتبر المؤسسين صرفوا النظر عن الطلب ويقرر حفظه . وموضوع الجواز يعطي للمسجل إمكانية التحكم في الطلبات بحيث يهمل بعض الطلبات على أنهم صرفوا النظر عن التأسيس ويسامح شركات أخرى في عدم الحضور ( ) ( م 20 ) 
وان حصلت الإجراءات ينشر المسجل قرار الموافقة على تأسيس الشركة في النشرة التي يصدرها ( وفي صحيفة يومية لمرة واحدة في الأقل، وخلال خمسة عشر يوم من تاريخ آخر نشر يصدر شهادة تأسيس الشركة . ( م 21 / أولا ـ 1 ) . عدا الشركات المساهمة حيث يتراخى إصدار شهادة التأسيس إلى ما بعد انتهاء الاكتتاب ونجاحه وخلال خمسة عشر يوما من غلق الاكتتاب وتقديم المعلومات التي تطلبها القانون من المؤسسين وفق المادة ( 46). 
وقد أباحت الفقرة ثانيا من المادة 21 لمؤسسي الشركة المساهمة والمحدودة بعد نشر قرار الموافقة على تأسيس الشركة وقبل صدور شهادة التأسيس أن يقوموا على مسؤوليتهم بإجراءات الحصول على إجازة مشروع الشركة وإبرام العقود اللازمة لإنشائه . (م 21/ثانيا). 
ويلاحظ على هذه الفقرة أنها ساوت بين الشركة المساهمة والمحدودة في هذا الأمر ولا نرى محلا لهذه المساواة، فالشركة المحدودة تصدر شهادة تأسيسها خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الإعلان عن الموافقة، ولا نظن في هذه المدة تأخيرا لمباشرة الشركة عملها . 
وتكتسب الشركة الشخصية المعنوية من تاريخ صدور شهادة تأسيسها وقد بينا ذلك سابقا , ويعد إصدار شهادة التأسيس دليلا على أن إجراءات التسجيل تمت مطابقة للقانون ( م 22 ) . 
أما إذا رفض المسجل طلب تأسيس الشركة، فهو ملزم بأن يبين أسباب الرفض . ويحق لأصحاب الشأن الاعتراض على قرار المسجل لدى وزير التجارة خلال ثلاثين يوما من اليوم التالي لتبليغهم بالرفض . ومطلوب من وزير التجارة أن يبت بالاعتراض خلال ثلاثين يوما من تاريخ تقديمه، وإذا صدر الرفض من الوزير أيضا، يحق للمؤسسين الاعتراض على قرار الوزير أمام المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوما من تاريخ تبليغهم به . 
وما دام الرفض مسببا، يحق للمؤسسين تقديم طلب جديد متى زالت الأسباب التي حالت دون حصول الموافقة . 
ولم يتعرض القانون العراقي لحالة السكوت، أي عدم تبليغ المؤسسين الموقف من الطلب وهو ما يحصل في أحيان كثيرة، حيث يشير الواقع العملي إلى تأخر الحصول على موافقة أو رفض الجهة القطاعية المختصة أو الجهات المشار إليها في المادة ( 18 من قانون). ونرى انه لا يمكن اعتبار التأخر عن الإجابة في المدة المذكورة وهي 60 يوما أو احتمال تمديدها 30 يوما أخرى، قبولا , لأن المادة 18 بينت ضرورة الحصول على موافقة الجهة القطاعية المختصة والجهات الأخرى أو رفضها، كما أن رأي الجهة القطاعية يرتبط بمدى مطابقة غرض الشركة مع أهداف التنمية والقرارات التخطيطية . 
وهذه الإجراءات مطلوبة لجميع أنواع الشركات، التي بين القانون أحكامها مجتمعة وهي ( المساهمة، المحدودة، التضامنية والمشروع الفردي )( ) . وفي هذا عنت كبير، لأن هذه الإجراءات المطولة غير ضرورية في شركات الأشخاص في الأقل، ولم نجد في القوانين العربية موضوع المقارنة ما يشابهها . 
أما إجراءات التأسيس بعد تعديل القانون بموجب التعديل الذي اشرنا له فقد أصبحت كما يأتي: 
يقدم إلى مسجل الشركات طلبا على تأسيس شركة يبين نوعها، وفق الأنموذج الذي يعده المسجل، ويرفق مع الطلب عقد الشركة الذي بينا أحكامه سابقا واشرنا للتعديلات التي أدخلت على محتوياته، وكذلك شهادة المصرف أو تأييد منه بإيداع رأس المال أو جزء منه لديه( ) . وعلى المسجل أن يوافق على الطلب إذا لم يجد فيه مخالفة للقانون . ويتم الإعلان عن القبول أو الرفض خلال عشرة أيام من تاريخ تسلم الطلب حيث جاء النص المعدل للمادة ( 19 ): ((يوافق المسجل على طلب تأسيس الشركة ما لم يجد أن الطلب مخالف لنص محدد ورد في هذا القانون . ويعلن المسجل موافقته على الطلب أو رفضه له خلال عشرة أيام من تاريخ تسلمه الطلب فيما عدا الشركات المساهمة، تصدر شهادة تأسيس الشركة عند صدور قرار الموافقة على تأسيسها , وتكون دليلا يثبت تأسيسها، وإذا رفض المسجل طلب تأسيس الشركة يصدر قراره خطيا يوضح فيه أسباب رفضه الطلب , وفي حالة طلب بتأسيس شركة مساهمة يصدر المسجل إخطارا خطيا بقراره المرافق على طلب التأسيس أو رفضه في تاريخ اتخاذه ( أو اتخاذها ) لهذا القرار . لن تصدر شهادة بتأسيس الشركة بدون دفع الرسوم . )) ( ) والأجراء المذكور لجميع الشركات كما هو واضح، والتغير الذي حصل بموجب التعديل : 
1- لا تسال الجهة القطاعية المختصة ولا تسال أية جهة أخرى كما كان يتطلب ذلك القانون قبل تعديله، بل التعديل علق العمل بالمادة ( 18 ) التي تتضمن مفاتحة بعض الجهات للحصول على موافقتها . 
2- على المسجل أن يعلن الموافقة أو الرفض خلال عشرة ايام من تاريخ تسلم الطلب، وفي ذلك اختزال كبير للوقت، كما أن دور المسجل في القبول أو الرفض يقتصر على مخالفة أو عدم مخالفة الطلب لنص قانون الشركات ((ما لم يجد أن الطلب مخالف لنص محدد ورد في هذا القانون )) . وعليه لا يبحث المسجل عن أسباب للرفض غير مخالفة قانون الشركات ولا يسأل أية جهة أخرى عن مدى توافق نشاط الشركة مع خطة التنمية والتخطيط الاقتصادي . 
3- لا تصدر شهادة تأسيس للشركة ـ عدا الشركات المساهمة ـ إنما يعلن المسجل قبول الطلب أو رفضه الشهادة مطلوب إصدارها مع قرار الموافقة بالنسبة للشركة المساهمة



أما بالنسبة لشركات المحدودة والتضامنية والمشروع الفردي فلا تصدر فيها شهادة تأسيس بتقديرنا، إنما يصدر إعلان موافقة أو إعلان تسجيل وهو إجراء اتبعته نصوص بعض التشريعات موضوع المقارنة بالنسبة لشركات يطلق عليها شركات الأشخاص كما هو الحال في نص المادة ( 24 / 1 ) من قانون الشركات اليمني (( لا يجوز لشركة التضامن أن تباشر أعمالها إلا بعد استكمال إجراءات تسجيلها في السجل التجاري ( ) . 
ولو أن هذا الأمر يثير إشكالية مفادها متى تكتسب الشركة الشخصية المعنوية حيث بينت م 22 اكتساب الشركة الشخصية المعنوية من صدور شهادة تأسيسها، فكيف يكون الأمر ولا تصدر في تأسيس هذه الشركات شهادة بمفهوم الشهادة التي بينتها أحكام قانون الشركات قبل تعديله . 
ونرى أن هذا الأمر يمكن أن يعالج إلى حين تعديل أحكام القانون أو وضع قانون جديد وهو أمر ضروري بتقديرنا، أن تعامل الموافقة والتسجيل في سجل الشركات بحيث يمكن أن تعطى مقابلها شهادة تسجيل، أي إعلان بالتسجيل وليس شهادة تأسيس وتكتسب الشركة الشخصية المعنوية من تاريخ صدورها( ). 
أما بالنسبة إلى شركة المساهمة فان التعديل يتطلب أن تصدر بها شهادة تأسيس مع الموافقة على تأسيسها فهل يتعاصر إصدار شهادة التأسيس قبل إعلان القبول بتأسيس الشركة كما يوحي بذلك النص . وهو ما تسمح به بعض القوانين المقارنة م (72) من قانون الشركات لدولة الإمارات و م 22 من قانون الشركات المصري أي أن الشهادة تصدر مع الموافقة وتسبق إجراءات الاكتتاب، واشتراط نجاحه قبل صدور شهادة التأسيس، كما هو الأمر بموجب نص قانون الشركات العراقي قبل تعديله، إلا إن المادة ( 21 / أولا ـ 2 ) التي نصها (( في حالة الشركة المساهمة شهادة التأسيس تصدر بعد الاكتتاب العام للأسهم وخلال خمسة عشر يوم من تاريخ تقديم مؤسسيها المعلومات المنصوص عليها في المادة (46) من هذا القانون ))، وتتطلب المادة ( 46 ) أن يقوم المؤسسون بعد غلق الاكتتاب من قبل المصرف، وخلال ثلاثين يوما من المدة المحددة للاعتراض على الاكتتاب أو رده، إعداد قائمة بأسماء المكتتبين وعناوينهم ومقدار ما اكتتب به كل منهم من الأسهم وتزويد المسجل بنسخة من ذلك . 
وقد حسمت هذا الأمر أيضا ـ وقت صدور شهادة التأسيس، بعد الموافقة على التأسيس وقبل الاكتتاب، أم بعد إجراء الاكتتاب ونجاحه ـ التعليمات الصادرة عن وزارة التجارة التي سبقت الإشارة إليها، فالفقرة ( 8 ) منها تنص على : (( عند الموافقة على أي طلب، فأن على مسجل الشركات أن يصدر بدون تأخير إلى الشركة المقدمة للطلب إجازة تسجيل تحمل اسم الكيان التجاري وختم مسجل الشركات الرسمي مع رقم الهوية الدائم، ما عدا الشركات المساهمة فلن تزود بما ذكر آنفا إلا بعد انتهاء الاكتتاب العام ووفقا للمادة ( 21 / أولا بند ( 2 ) من قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 . 
الأمر الآخر الذي يحتاج إلى التوقف عنده إلغاء استشارة أية جهة في تأسيس الشركة المساهمة، إذ يقتصر الأمر على قبول أو رفض المسجل المبني كما لاحظنا على مخالفة نصوص قانون الشركات، وإذا كان في هذا الأمر ما يتوافق مع الحرية الاقتصادية ومع سياسة الانفتاح وتشجيع الاستثمار فلا يكون الأمر بإلغاء الموافقات المطلوبة لتأسيس حتى الشركة المساهمة لأهمية هذا النوع من الشركات في الحياة الاقتصادية، ولأنها تتوجه حسب القانون العراقي دائما إلى الادخار العام لدى الجمهور . 
وإذا استعرضنا نصوص القوانين موضوع المقارنة، لوجدنا غالبيتها تتشدد في إجازة شركات المساهمة، فالمادة ( 74 ) من قانون الشركات لدولة الإمارات التي عدلت بالقانون رقم 13 لسنة 1988 تنص على أن : (( يقدم طلب تأسيس الشركة على النموذج المعد لذلك إلى السلطة المختصة مصحوبا بعقد تأسيسها ونظامها الأساسي والجدوى الاقتصادية للمشروع الذي ستقيمه الشركة شاملة الجدول الزمني المقترح لتنفيذه ويقيد الطلب في السجل المعد لذلك لدى السلطة المختصة . وتشكل لجنة من السلطة المختصة من ممثلين عن كل من الوزارة والسلطة المختصة لدراسة طلب تأسيس الشركة والجدوى الاقتصادية للمشروع الذي ستقيمه وللجنة أن تكلف مقدم الطلب باستكمال ما ترى ضرورته من المستندات أو بيانات أو إجراء تعديلات على عقد الشركة أو نظامها الأساسي بما يجعلهما متفقين وأحكام هذا القانون واللوائح الصادرة تنفيذا له ))( ) . 
أما القانون اليمني فيتطلب موافقة رئاسة الجمهورية على تأسيس الشركة المساهمة، فالمادة ( 66 ) تنص على انه (( لا يجوز تأسيس شركة المساهمة التي تطرح أسهمها على الاكتتاب العام إلا بعد حصول على ترخيص بذلك بموجب قرار جمهوري )) كذلك تنص م 59 من قانون دولة عمان على أنه ((لا تؤسس شركة المساهمة إلا بترخيص من مدير عام التجارة )) . 
والمادة 52 من نظام الشركات السعودي تنص على انه (( لا يجوز تأسيس الشركات المساهمة الآتية إلا بترخيص يصدر به مرسوم ملكي بناء على موافقة مجلس الوزراء وعرض وزير التجارة على أن يراعى ما تقضي به الأنظمة . 
أ – ذات الامتياز . 
ب _ التي تدير مرفقا عاما . 
حـ - التي تضمن لها الدولة نسبة معينة من الربح . 
د – التي تقدم لها الدولة إعانة . 
هـ - التي تشترك فيها الدولة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة . 
و – التي تزاول الأعمال المصرفية . 
أما غير ذلك من الشركات المساهمة فلا يجوز تأسيسها إلا بترخيص يصدره وزير التجارة ... )) 
أما في الأردن فأن المادة 94 التي لم تعدل بموجب التعديل الصادر بالقانون المؤقت رقم 40 لسنة 2002، تقضي (( يصدر الوزير بناء على تنسيب المراقب قراره بقبول تسجيل الشركة أو رفض هذا التسجيل خلال مدة أقصاها ثلاثين يوما من تاريخ تنسيب المراقب ... وإذا لم يصدر الوزير قراره خلال تلك المدة يعتبر الطلب مقبولا )) وفي مصر وهي تسعى نحو الانفتاح والحرية الاقتصادية وتشجيع الاستثمار الأجنبي . فأن الصورة أخيرا تجعل تأسيس شركة المساهمة مرتبطا بمصلحة الشركات بعد أن عدلت المادة 18 من قانون الشركات رقم 59 لسنة 1981 , حيث ألغيت اللجنة التي تؤلف وفق نص المادة المذكورة، وأصبح الأمر بان يقدم الطلب إلى مصلحة الشركات التي تعد سجلا لقيد طلبات الترخيص، وتعطى هذه المصلحة شهادة للمؤسسين عليهم تقديمها إلى دائرة السجل التجاري، وتمثل الشهادة التي تعطى من المصلحة بشهادة تسلم الإخطار والمستندات( ) . 
وللمصلحة حق الاعتراض على تأسيس الشركة، لكن الاعتراض مقيد بالأحوال التالية كما بينتها المادة 19 من قانون الشركات، وأدخلت ضمن المادة 18 المعدلة بموجب التعديل رقم 3 لسنة 1998 . 
(( أ – عدم مطابقة العقد الابتدائي أو نظام الشركة للشروط والبيانات الإلزامية الواردة في النموذج . أو تضمنه شروطا مخالفة للقانون . 
ب – إذا كان غرض الشركة أو النشاط الذي سوف تقوم به مخالفا للنظام العام أو الآداب ...)) 
ويرى أحد الكتاب، أن الاعتراض مقيد بالحالات المذكورة ليس غير، ولكنه يشير إلى إمكانية استخدام النظام العام، فهو من المفاهيم الواسعة، وبالتالي يمكن الاعتراض على تسجيل الشركة طبقا لمفهوم النظام العام كلما وجد أن نشاط الشركة يلحق الضرر بالاقتصاد الوطني( ). 
ولقد حرصنا على الإفاضة في نقل النصوص القانونية المرتبطة بهذا الشأن للوقوف على ما تقرره هذه التشريعات المختلفة . فهل من المقبول أن تؤسس شركة مساهمة بأي حجم، تعتمد على مدخرات الجمهور في تكوين جل رأس مالها، وتقتصر الأجازة فيها على قرار من المسجل يبنى فقط على مدى مخالفة الشركة لنصوص قانون الشركات ؟ ! حتى بغير موافقة الوزير 
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق