الأحد، 3 يونيو 2012

مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات

مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات
الفصـل الأول : مدلول و تاريخ المبدأ
1- المطلب الأول : مدلول مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات.
2 - المطلب الثاني : تاريخ مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات.
الفصـل الثاني: أهميــة المبـــدأ
1- المطلب الأول : الأهمية الدوليـــة.
2- المطلب الثاني : الأهمية الدستوريـة.
3- المطلب الثالث : الأهمية الإقليميــة .
4- المطلب الرابع : الأهمية العمليـــة.
الفصــل الثالث : دعائم المبدأ والنقد الموجه لهذا المبدأ
الفصــل الرابع : مصادرمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات
1- القوانين . 2- المراسيم التشريعية .
3 - الأنظمة . 4 - العرف .
الفصــــل الخامس: الواجبات على عاتق ( المشرع ، القاضي ، السلطة التنفيذية ).
الفصــــل السادس : نتائج مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات .
الفصـــل السابـع : تفسير النصـــوص الجزائيــــة .
1- المطلب الأول : أنـواع التفسير .
2- المطلب الثاني : مراحل التفسير .
3- المطلب الثالث : قيـود التفسير .
الخاتمة .
الفصل الأول : مدلول و تاريخ مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات
المطلب الأول : مدلول مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات .
يعني هذا المبدأ أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني 
أي مصدر الصفة غير المشروعة للفعل هو نص القانون ويقال لهذا النص " نص التجريم " 
وهو في نظر القانون الجزائي يشمل قانون العقوبات والقوانين المكملة له والقوانين 
الجزائية الخاصة . 
وبالتالي يحدد في كل نص الشروط التي يتطلبها في الفعل كي يخضع لهذا النص ويستمد منه 
الصفة غير المشروعة ويحدد العقوبة المقررة لهذا الفعل وبالتالي فان القاضي لا 
يستطيع أن يعتبر فعلاً معنياً جريمة إلا إذا وجد نصاً يجرم هذا الفعل فإذا لم يجد 
مثل هذا النص فلا سبيل إلى اعتبار الفعل جريمة ولو اقتنع بأنه مناقض للعدالة أو 
الأخلاق أو الدين .
و أساس هذا المبدأ هو حماية الفرد و ضمان حقوقه و حريته و ذلك بمنع السلطات العامة 
من اتخاذ أي إجراء بحقه ما لم يكن قد ارتكب فعلا ينص القانون عليه و فرض على 
مرتكبيه عقوبة جزائية 
المطلب الثاني : تاريخ مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات
في العصور القديمة لم تكن هذه القاعدة معروفة حيث كانت العقوبات تحكمية وكان في وسع 
القضاة أن يجرم أفعال لم ينص القانون عليها ويفرضوا العقوبة التي يرونها كما كانوا 
يرجعون إلى العرف لتجريم بعض الأفعال وتقرير العقوبة لها .
وإن كان هناك بعض مؤرخي القانون الجزائي يقولون بأن مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات 
عرفت لأول مرة في القانون الروماني في العهد الجمهوري بدليل وجوده عند فقيهي 
الرومان ( أولبيانوس ) و ( بولس ) أما العهد الإمبراطوري فلم تكن هذه القاعدة 
معروفة لأن القانون الروماني في هذا العهد كان يعطي للقاضي سلطة تقديرية واسعة في 
التجريم و العقاب .

وهذه القاعدة ترجع بذورها الأولى إلى الشريعة الإسلامية أي ترجع إلى مدة تزيد على 
أربعة عشر قرناً فمن القواعد الأصولية في الشريعة الإسلامية أنه :
" لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورد النص " أي أن أفعال المكلف المسؤول لا يمكن وصفها 
بأنها محرمة مادام لم يرد نص بتحريمها ولا حرج على المكلف أن يفعلها أو يتركها حتى 
ينص على تحريمها ونفهم من ذلك بأنه لا يمكن اعتبار فعل أو ترك جريمة إلا بنص صريح 
يحرم الفعل أو الترك فإذا لم يرد نص يحرم الفعل أو الترك فلا مسؤولية ولا عقاب على 
فاعل أو تارك . والمعنى الذي يستخلص من هذا الكلام هو أن قواعد الشريعة الإسلامية 
تقضي بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وهذه القاعدة في الشريعة لا تتنافى مع العقل 
والمنطق و تستند مباشرة على نصوص صريحة في هذا المعنى ومنها :
قوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً )
وقوله تعالى : ( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلوى عليهم آياته)
و قوله تعالى : ( و إن من أمة إلا خلا فيها نذير ) .
وغيرها من النصوص قاطعة بأنه لا جريمة إلا بعد بيان ولا عقوبة إلا بعد إنذار ، 
وطبقوا هذه القاعدة على الجرائم ولكنهم لم يطبقونه تطبقا واحدا في كل الجرائم حيث 
طبقوه تطبيقا دقيقا في جرائم الحدود و القصاص بخلاف جرائم التعازير فلم يطبقونه 
بتلك الصورة والسبب في ذلك أن المصلحة العامة وطبيعة التعازير تقتضي ذلك . وبهذا 
تمتاز الشريعة على القوانين الوضعية التي لم تعرف هذه القاعدة إلا في عام 1216 في 
إنكلترا و إن كان هذا المبدأ غير معمول به في انكلترا بالمفهوم المعروف به في 
الحقوق اللاتينية . ففي انكلترا لا يوجد دستور مكتوب ولا قانون عقوبات مكتوب 
وبإمكان القاضي أن يعتبر أي سلوك لا اجتماعي جريمة و لكن المشرع بدأ منذ أوائل هذا 
القرن بسن قوانين جزائية خاصة مثل ( قانون القتل –قانون السرقة ) و بالتالي حد من 
سلطة القاضي في خلق جرائم جديدة.
إلا أن النشأة الحقيقة لهذا المبدأ في القوانين الوضعية كان في القرن الثامن عشر 
حيث ظهر نتيجة للانتقادات الشديدة من قبل الفلاسفة والفقهاء لتسلط القضاة وتحكمهم 
في الأحكام حيث كان القضاة متأثرين بالنواحي الخلقية والدينية فكان أحكامهم يخلط 
بين الجريمة الجنائية والمعصية الدينية والرذيلة الخلقية فظهر هذا المبدأ بصورة 
واضحة في الولايات المتحدة الأمريكية وظهر في إعلان الحقوق عام 1774 وقد عرف هذا 
المبدأ في قانون العقوبات النمساوي الصادر عام 1787 إلا أنه أعلن لأول مرة بعد قيام 
الثورة الفرنسية في شرعية حقوق الإنسان عام 1789 ثم نص عليه القانون الفرنسي عام 
1810 ثم انتقلت هذه القاعدة إلى غيره من التشريعات الوضعية ثم أخذت به الدساتير و 
القوانين في العالم ثم أخذت به الأمم المتحدة في البيان العالمي لحقوق الإنسان 
الصادر في 10 كانون الأول 1948 كما جاء في المادة السادسة من قانون العقوبات 
اللبناني :
( لا يقضي بأي عقوبة لم ينص القانون عليها حين اقتران الجرم ) .
أما في التشريع المصري لم تكن هذه القاعدة معروفة قبل سنة 1883 وفي هذا العام نص 
المشرع عليها ضمناً في المادة 18 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية وفي المادة 19 من 
قانون العقوبات الصادر سنة 1883 ولما صدر الدستور في عام 1923 قرر هذه القاعدة "
في المادة ( 6 ) منه : (( لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا عقاب إلا على 
الأفعال اللاحقة لصدور القانون الذي ينص عليها))
وبالتالي لا يشترط صدورها بقانون وإنما يكفي أن يصدر بناء على قانون ليشمل حالات 
التي يفوض الشارع فيها السلطة التنفيذية في تحديد الجرائم وتقرير العقوبات .
أما المشرع السوري فقد تبناها في القوانين المتعاقبة و جاء في المادة العاشرة من 
دستور عام 1950 و المادة الثامنة من الدستور المؤقت لجمهورية العربية المتحدة 
الصادر في 15 آذار 1958 في عام 1969 جاء في الدستور السوري المؤقت في المادتين 
27-38 و كرس أخيرا في دستور الجمهورية العربية السورية المعلن في 12 آذار عام 1973
فنصت المادة 29 منه على أنه( ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني) )
كما جاء في المادة الأولى منه : ( ( لا تفرض عقوبة ولا تدبير احترازي أو إصلاحي من 
أجل فعل لم يكن القانون قد نص عيه حين اقترافه ) ) 
و نظمت المواد من (1-5 ) من العقوبات قواعد قانونية الجرائم والمواد ( 6-11 ) 
قانونية العقوبات و المواد (12-14 ) قواعد قانونية التدابير الاحترازية و التدابير 
الصلاحية. 
الفصـل الثــاني : أهميـــة مبــــدأ شرعية الجرائم والعقوبات
لهذا المبدأ أهمية كبيرة سواء على الصعيد الدولي أو الدستوري أو الإقليمي أوالعملي 
.
1- المطلب الأول : الأهمية الدوليـــة :
نرى أن هناك كثير من الاتفاقيات و البروتوكولات أكدت على أهمية هذا المبدأ ،
كما جاء في المادة الثانية الفقرة الثالثة في البروتوكول رقم 4 لاتفاقية حقوق 
الإنسان الصادر في 16 تشرين الثاني عام 1963:
(( لا يجوز وضع قيود على ممارسة هذه الحقوق غير تلك التي تطابق القانون و تقضيها 
الضرورة في مجتمع ديمقراطي لمصلحة الأمن القومي أو الأمن العام , للمحافظة على 
النظام العام أو منع الجريمة أو حماية الصحة و الأخلاق أو حماية حقوق و حريات 
الآخرين )).
كما جاء في إعلان حقوق الإنسان و المواطن الصادر عام 1789 الذي أصدرته الجمعية 
التأسيسية : (( لا يجوز اتهام أحد أو توقيفه إلا في الأحوال المنصوص عليها في 
القانون و بحسب المراسيم المحددة فيه)) .
2 - المطلب الثاني : الأهمية الدستــورية.
لهذا المبدأ قيمة كبيرة حيث أن الدول تعتبره من المبادئ الأساسية و تنص عليه في 
دساتيرها . في سوريا تبنى المشروع السوري هذا المبدأ في دساتيرها المتعاقبة التي 
مرت على القطر العربي السوري , حيث ورد في المادة العاشرة في دستور عام 1950, و 
المادة الثامنة من الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة الصادر 15 آذار 1958 و 
المادتين 27و 38 من الدستور السوري المؤقت لعام 1969 و كرس أخيرا في الدستور الصادر 
عام 1973 فنصت المادة 29 منه على أنه : ( لا جريمـة ولا عقـوبة بلا نص قانـوني ).
أما في مصر عندما صدر الدستور في عام 1923 قرر هذه القاعدة صراحة في المادة السادسة
منه ( لا جريمة ولا عقوبة غلا بناء على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة 
لصدور القانون الذي ينص عليه ) . كما جاء في المادة الثامنة من الدستور اللبناني :
(لا يمكن تحديد الجرائم أو تعيين عقوبة إلا بمقتضى قانون ) 
3- المطلب الثالث الأهمية الإقليمية :
نرى أن هناك كثير من الاتفاقيات و البروتوكولات أكدت على أهمية هذا المبدأ , فقد 
جاء في المادة الثانية في الفقرة الأولى من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان :
( حق كل إنسان في الحياة يحميه القانون ولا يجوز إعدام أي إنسان عمدا إلا تنفيذا 
حكم قضائي بإدانته في جريمة يقضي فيها القانون بتوقيع هذه العقوبة ).
و قد جاء في المادة السابعة الفقرة الأولى منه : 
( لا يجوز إدانة أي شخص بسبب ارتكابه فعلا أو الامتناع عن فعل لم يكن يعتبر وقت 
وقوع الفعل أو الامتناع جريمة في القانون الوطني أو القانون الدولي ولا يجوز توقيع 
عقوبات أشد من تلك المقررة وقت ارتكاب الجريمة ).
و قد جاء في الفقرة الثانية : ( لا تخل هذه المادة بمحاكمة أو عقوبة أي شخص بسبب 
ارتكابه فعلا أو امتناعه عن فعل يعتبر وقت فعله أو الامتناع عن فعله جريمة وفقا 
للمبادئ العامة لقانون في الأمم المتحضرة ) .
4 - المطلب الرابع الأهمية العملية :
لهذا المبدأ أهمية كبيرة من الناحية العملية للأسباب التالية :
1_يعد من أسس الحرية الفردية أي صمام الأمان للحريات الفردية ويضمن حقوق الأفراد 
بحيث يحدد الجرائم ويحدد العقوبات المقررة لها بشكل واضح حتى لا يترك ثغرات في 
القانون ويكون وسيلة تسلط بيد القضاة وبالتالي القاضي لا يستطيع الحكم بالإدانة إلا 
إذا وجد في القانون سنداً على الجريمة والعقوبة فهو لا يملك أن ينشئ جريمة من أمر 
لم يرد نص قانوني بتجريمه مهما رأى فيه من الخطورة على حقوق الأفراد أو مصالح 
الجماعة فهو يرسم حداً فاصلاً بين المشروع وغير المشروع بحيث يكون الأفراد أحراراً 
في إتيان الأفعال المشروعة وإن كانت ضارة وبالتالي السلطات العامة لا تستطيع ملاحقة 
هذا الشخص لأنه غير مسؤول جزائياً .
2-يعطي العقوبة أساس قانوني بحيث يجعلها مقبولة من قبل الرأي العام كونه توضع في 
سبيل المصلحة العامة بحيث يطبق على جميع الأشخاص الذين تتوافر فيهم الشروط المنصوص
عليه في هذا النص دون التميز بينهم .
3-الدور الوقائي للقانون وهذا الدور يتمثل بأن يكون الفرد على علم بالأفعال التي 
تعد جريمة والأفعال الغير مجرمة بحيث يمكن أن نعتبر القانون بمثابة إنذار مسبق 
للأفراد بعدم اقتراف الأفعال المنصوص عليه وهذا يجعل الأفراد أقرب إلى الامتثال من 
العصيان 
4-يحمي جميع الأفراد في المجتمع المجرمين وغير المجرمين بحيث يحمي المجرم من نفسه 
بأن لا يقترف جريمة عقوبتها أشد من الجريمة المرتكبة وتحمي غير المجرمين من الأفعال 
التي قد يرتكبها المجرم .
قبل أن ندخل في مصادر التجريم والعقاب لابد لنا من التساؤل 
هل تدخل التدابير الاحترازية في نطاق مبدأ الشرعية :
على الرغم من أن المشرع يستهدف من التدابير الاحترازية الوقاية الاجتماعية لا 
الجزاء وهو مجرد إجراء علاجي يستفيد منه المحكوم عليه ، فلا يمكن تجريد التدابير 
الاحترازية من الإيلام وإن كان غير مقصود ، فبعض التدابير الاحترازية تصل إلى حد 
سلب الحرية ولذلك يجب على الشارع أن يحدد التدابير ويحدد ماهية كل منها حتى لا يكون 
وسيلة استغلال بيد القضاة ، ولكن التدابير لا يطبق بالصورة الجامدة التي عرفناها في 
نصوص التجريم والعقاب ، وذلك لأن المشرع ينص على التدابير الاحترازية دون أن يقرر 
تدبير محدد لكل جريمة وإنما يترك للقاضي الحرية في أن يختار من بين التدابير التي 
نص عليها الشارع ما يكون مناسباً للجرم .
ونقول بأن التدابير الاحترازية تدخل في مبدأ الشرعية بحيث لا يستطيع القاضي أن يحكم 
بغير التدابير المنصوص عليه في القانون .
لهذا المبدأ دعائم يستند عليها هذا المبدأ وهذه الدعائم هي :
أولا : نظرية فصل السلطات :
نتيجة لتسلط القضاة في الأحكام في القرن الثامن عشر ظهر مبدأ فصل السلطات التي نادى 
بها مونتسيكو و مقتضى هذا المبدأ أنه :
يوجد سلطات ثلاثة في الدولة السلطة التشريعية- التنفيذية- القضائية , و كل سلطة لها 
اختصاصات محددة لا يجوز لها تجاوزها فالسلطة التشريعية مختصة بسن القوانين و منها 
النصوص الجزائية التي تجرم الأفعال و تحدد العقوبة له أما السلطة القضائية تعهد 
بتطبيق هذه القوانين و بالتالي القاضي لا يستطيع أن يجرم فعل غير منصوص عليه و لو 
اقتنع بأن الفعل منافي لعدالة لأن ذلك يعتبر تدخلا في اختصاص السلطة التشريعية وهذا 
لا يجوز طبقا لمبدأ فصل السلطات .

ثانيا : الدعامة المنطقية :
ترجع إلى تنديد الفقهاء والفلاسفة بتحكم القضاة وقناعتهم الأكيدة بأنه لا يمكن تقيد 
السلطة المطلقة للقضاة إلا بوضع نصوص مكتوبة محددة في القانون تنص على الأفعال 
المجرمة والعقوبات المقررة لها . وبالتالي السماح للأفراد بإتيان الأفعال التي لم 
ينص القانون على تجريمها ، والامتناع عن الأفعال المجرمة بنص القانون وهذا ما نادى 
به المحامي الإيطالي " بيكاريا " في كتابه المشهور " الجرائم والعقوبات " ونادى 
بيكاريا بحرمان القاضي من تفسير هذه النصوص ووجوب تطبيقها حرفياً بحيث لا يستطيع 
القاضي التشديد أو التخفيض أي تجريد القاضي من أية سلطة تقديرية .
ثالثا : الدعامة السياسية :
ترجع إلى نظرية العقد الاجتماعي الذي نادى به الفيلسوف " جان جاك روسو " والتي 
مقتضاها أنه يوجد عقد ضمني بين الدولة والأفراد حيث يتنازل الأفراد بموجب هذا العقد 
عن جزء من الحرية الممنوحة لهم لصالح الدولة مقابل أن تقوم الدولة بتوفير الحماية 
لهم واعتمدت هذه النظرية على العقد الاجتماعي كأساس لتحديد حق الدولة في العقاب 
فقالوا بأن العقوبة هي جماع حقوق الأفراد في الدفاع عن أشخاصهم وأموالهم التي نزلوا 
عنها للمجتمع وبالتالي المساواة بين الناس في العقاب لأن كل فرد نزل للمجتمع عن قدر 
من الحقوق معادل ومساوي لما نزل عنه غيره وهذه المساواة تقتضي وجود قانون يحدد 
الأفعال المجرمة ويحدد العقوبة المقررة لهذه الأفعال بحيث يكون للعقوبة أساس قانوني 
ويجعله مقبولة من قبل جميع الأفراد كونها ثمرة اتفاق جماعي وتوقع في سبيل المصلحة 
العامة والعليا للمجتمع وبالتالي يضمن للعقوبة خصائصها لتكون عادلة وعامة التطبيق 
على جميع الناس ومجردة من القسوة .

النقد :
على الرغم من أهمية هذا المبدأ والقيمة الحقيقية له إلا أنه لم يسلم من النقد :
1) ذهب البعض بأنها قاعدة جامدة ورجعية أما الجامدة لأنه لا يستطيع مواكبة التطورات 
والمستجدات التي تطرأ على المجتمع بحيث تظهر أفعال جديدة مخلة بأمن ونظام المجتمع 
ولم ينص القانون على تجريمه , و يزداد هذا الأمر صعوبة في العصر الحديث حيث خلفت 
الحضارة الإنسانية المتشعبة و الحياة الاجتماعية المتشابكة أنواعا مختلفة من أنماط 
السلوك البشري سريعة التغيير و التجدد بحيث لا يمكن مواجهته بجمود النصوص و ثباته 
ولكن يمكننا الرد عليهم بأن المشكلة ليست من النص القانوني و إنما المشكلة من 
السلطة التشريعية التي تنص القوانين بحيث تتقاعس احيانا عن صدور القوانين لمواجهة 
المستجدات إلا أننا نستطيع التغلب على هذه المشكلة بوجود سلطة تشريعية يقظة و 
تزويده بجميع الوسائل التي تتمكن من خلاله من ملاحقة الصور الإجرامية المستحدثة .
أما القول بأنها رجعية لأنه يفرض الجريمة ككيان قانوني متجراً من شخص المجرم بحيث 
يحدد العقوبة في كل جريمة حسب الأضرار المادية المترتبة عليه لا وفق الخطورة 
الكامنة في شخص المجرم مثلاً في جريمة السرقة يفرض العقوبة بنفس القدر دون أن يراعي 
الظروف المحيطة بالمجرم ( فالشخص الذي يقدم على السرقة بدافع الفقر هو أقل خطورة عن 
الشخص الذي يقدم عليه بدافع حسب المال والجشع ) . 
لذلك نادو بضرورة تقسيم المجرمين بدلاً من تقسيم الجرائم فليس المهم هي الجريمة 
كواقعة مادية وإنما المهم هو المتهم الذي هو محور الدعوى الجنائية ولذلك نجد أن 
المشرع رجعت عن نظام العقوبات المحددة إلى نظام تفريد العقوبة حيث أعطى القاضي سلطة 
تقديرية واسعة نوعاً ما في هذا الشأن بحيث حدد في بعض الجرائم حدين للعقوبة ( حد 
أدنى – حد أعلى ) وترك للقاضي سلطة اختيار العقوبة الملائمة ضمن هذين الحدين حسب 
شخصية المتهم والظروف المحيطة بالجريمة كما حدد لبعض الجرائم عدة عقوبات وترك 
الحرية للقاضي باختيار العقوبة المناسبة لشخص كل مجرم . 
ولكن سلطة القاضي في هذا الشأن ليست مطلقة لأن القانون هو الذي يحدد حدود الملائمة 
ويجب على القاضي مراعاة هذه الحدود وبالتالي لا يوجد تعارض بين تفريد العقاب ومبدأ 
الشرعية . كما يمكن الرد عليهم بأن السلطة الواسعة قاضي صحيح تجعله قادرا على فهم 
شخصية المجرم و علاجها إلا أن هذه السلطة قد تساء استخدامها ومن المستحسن أن ينوع 
المشرع العقوبات و التدابير لكل جرعة و أن يمنح القاضي سلطة تقديرية لكي يختار من 
بينها ما يلاءم شخصية المجرم . 
2)وذهب الآخرون إلى أن هذا المبدأ لا يوفر الحماية الكاملة للأفراد ضد الأفعال 
الجديرة في ذاتها بالتجريم كونها قاصرة عن الإحاطة بجميع الأفعال المخلة بالأمن 
والاستقرار في المجتمع ، ونزع أية سلطة تقديرية للقاضي في معاقبة العابثين بالأمن 
والنظام بحجة عدم وجود نص يجرم هذا الفعل سواء تعلق بالسلوك الفردي أو بالسلوك 
الجماعي .
فيما يتعلق بالسلوك الفردي فكثيراً ما تقع من الأفراد أفعال مخلة بالنظام ومنافية 
للأخلاق لا تجرمها الكثير من القوانين فمن يتناول طعاماً في مكان خاص كالمطاعم 
والمقاهي ثم يمتنع عن دفع ثمن الطعام ففعله هذا لا يقل خطورة عن السرقة ومع ذلك فإن 
الكثير من القوانين لا تنص على تجريمها . 
أما فيما يتعلق بالسلوك الاجتماعي : فالمشرع ليس في وسعه حصر جميع الأفعال الضارة 
والمخلة بالنظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة .
الرد : إن المشرع يستطيع أن يستعمل في نصوص التجريم والعقاب عبارات بحيث يحقق 
التوازن بين مصلحة المجتمع وحقوق الأفراد فلا تكون هذه العبارات ضيقة بحيث يطبقه 
القاضي حرفياً ولا واسعاً بحيث يستغل القاضي هذه النقطة ويجرم أفعال لم ينص عليه 
القانون وبالتالي إهدار حقوق الأفراد ، كما يمكننا القول بأن الاستقرار القانوني 
يعلو على حماية المصالح المشتركة ، فإذا تبين للمشرع أن فعلاً ما منافي للنظام 
السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي بادر إلى تجريمه بنص .


الفصل الرابع : مصادر مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات

أولاً : القــا نو ن :
والقانون هو مجموعة القواعد القانونية الصادرة عن السلطة التشريعية المختصة في نصوص 
مكتوبة ووفقاً للدستور فالتشريع يجب أن يتضمن إذاً قواعد قانونية ومن صفات القاعدة 
القانونية العموم والتجريد أي يجب أن يتناول جميع الأشخاص الذين يتوافر فيهم شروط 
التجريم دون تمييز . 
إن الأصل أن القانون الجنائي الوضعي يستمد نصوصه من القوانين التي تصدر عن السلطة 
التشريعية طبقاً للأوضاع الدستورية فهذه القوانين هي عنوان إرادة المجتمع التي 
تتجلى باشتراك العناصر التشريعية في وضعها وإصدارها طبقاً لأحكام الدستور .
وبما أن اختصاص السلطة التشريعية بالتشريع هو اختصاص أصلي فتستطيع أن تجرم من 
الأفعال ما تشاء وأن تفرض العقوبة التي تراها مناسبة .
ثانياً : المراسيم التشريعية :
هناك ظروف استثنائية تمنح رئيس الجمهورية سلطة التشريع وذلك عن طريق المراسيم 
التشريعية 
والمرسوم التشريعي بالتعريف:
هو تشريع يسنه رئيس الجمهورية في بعض الأحوال التي يتولى فيها سلطة التشريع .
و رئيس الجمهورية لا يصدر المراسيم التشريعية بصفته رئيساً للسلطة التنفيذية ، بل 
باعتباره يمارس أيضاً وفي بعض الأحوال الاستثنائية التي نص عليها الدستور مهام 
السلطة التشريعية ولذلك لا تعتبر المراسيم التشريعية عملاً تنفيذياً وإنما هو عمل 
تشريعي بحت ، وهذه المراسيم لا تختلف عن التشريع في شيء إلا في صدوره عن رئيس 
الجمهورية حين يمارس السلطة التشريعية بدلاً عن مجلس الشعب وهو يعتبر في منزلة 
التشريع الصادر عن مجلس الشعب ومرتبته فيمكن أن تنظم به الأمور التي لا يجوز 
تنظيمها أصلاً إلا بالتشريع وبالتالي يكون المراسيم التشريعية مصدراً 
للتجريم والعقاب ويستطيع أن يجرم الأفعال ويفرض العقوبة لهذه الأفعال وضمن حدود 
المرسومة له .ويتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع بحسب دستورنا الحالي في الحالات 
الثلاث التالية :
1) في المدة الفاصلة بين ولايتي مجلسين أي خلال الفترة الواقعة بين انتهاء ولاية 
مجلس الشعب السابق وبدء ولاية مجلس الشعب الجديد .
2) خارج دورات انعقاد مجلس الشعب أي خلال الفترات التي يكون فيها مجلس الشعب 
موجوداً ولكنه غير منعقد .
3) في أثناء انعقاد دورات مجلس الشعب إذا وجد الضرورة القصوى المتعلقة بمصالح 
البلاد القومية أو بمقتضيات الأمن القومي .
ونرى بأن تولي رئيس الجمهورية سلطة التشريع في هذه الحالات أمر طبيعي تقره معظم 
الدساتير في العالم ففي الحالتين الأولى والثانية مجلس الشعب لا يمارس مهمة التشريع 
لذلك لابد أن يعهد بهذا الأمر إلى رئيس الجمهورية حتى لا تتوقف حركة التشريع في 
البلاد أما الحالة الثالثة فيكون مجلس الشعب موجوداً ومنعقداً ولكن هناك ظروف 
استثنائية بالغة الأهمية وهذه الظروف قد تستدعي اتخاذ تدابير تشريعية عاجلة وإلى 
إحاطة هذه التدابير بشيء من السرية لذلك يكون من الأفضل أن يعهد به إلى رئيس 
الجمهورية .


ثالثا : الأنظــــــمة :
الأنظمة هي : عبارة عن نصوص تصدر عن السلطة التنفيذية متضمنة القواعد التي تفصل 
أحكام التشريعات وتوضحها وتبين كيفية تنفيذها وتطبيقها وهذه الأنظمة إما أن تصدر عن 
رئيس الجمهورية أو الوزراء المختصين أو الإدارات العامة والمجالس البلدية .

إن القول بأن القانون هو المصدر الوحيد للتجريم والعقاب لا يؤخذ على إطلاقه بل 
يستثنى منه أمران :
1-من واجب السلطة التنفيذية وضع اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين وهي لا تستطيع 
القيام بهذه المهمة إلا إذا اتخذت ما يلزم لضمان تنفيذ اللوائح بتقرير جزاءات 
جنائية .
2-أنه فضلاً عن العلاقات الاجتماعية التي لها صفة دائمة وثابتة توجد علاقات أخرى 
متعددة تختص جهات معينة وتتغير بتغير الزمان والظروف وبالتالي يجب على المشرع أن 
يتحرك تنظيمها وتدعيمها بالجزاءات إلى السلطة الإدارية .
وبذلك نقول بأن اللوائح والقرارات التي تصدر عن السلطة التنفيذية يمكن أن تكون 
مصدراً للتجريم والعقاب , بل تذهب بعض القوانين على وضع العقاب على مخالفة أحكام 
اللوائح و القرارات ففي غالب الأحيان عندما يفرض القانون وزيرا أو مديرا عاما أو 
مجلس بلديا في إصدار لائحة ينص في الوقت نفسه على العقوبة التي تطبق في حالة مخالفة 
أحكام هذه اللائحة فقد جاء في المادة 756 من قانون العقوبات:
( يعاقب بالحبس التكديري و بالغرامة حتى مئة ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من 
يخالف الأنظمة أو القرارات التي تصدرها السلطات الإدارية أو البلدية وفاقا 
للقوانين). 
رغم أن هناك كثير من الانتقادات وجهت إلى منح السلطة التنفيذية سلطة التشريع 
واعتبره مخالفاً لمبدأ الشرعية ولكن يمكن الرد عليهم بأن الدستور هو الذي منحه هذا 
الحق ( الدستور : هو مجموعة القواعد القانونية الصادرة عن سلطة خاصة تسمى السلطة 
التأسيسية والتي تتضمن النظام الأساسي للدولة والمبادئ العامة التي يقوم عليها 
أسلوب الحكم فيها ) وطالما أن الدستور منحه هذا الحق فهو لا يخالف مبدأ الشرعية 
وإنما يمارس حقه في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين في الدولة ولكن 
يجب الإشارة إلا أن السلطة التنفيذية يمارس سلطة التشريع على سبيل الاستثناء 
وبالتالي لا يجوز لها أن تجرم غير أفعال تدخل في المجال الذي تباشر فيه اختصاصها 
بالتشريع المحدود .
هل يجوز للقاضي مراقبة القانون والنظام :
بالنسبة للقانون هناك عدة اتجاهات :
أصحاب الرأي الأول : يرون بأنه لا حق للقضاء في مناقشة مسألة دستورية التشريع بل 
عليه أن يطبق التشريع كما هو إذا كان مستوفياً لشرائطه الشكلية ولو خالف في أحكامه 
مبادئ الدستور وحجة أصحاب هذا الرأي هي أن السماع للقضاء بمراقبة دستورية التشريع 
من شأنه أن يؤدي إلى تدخل السلطة القضائية في أعمال السلطة التشريعية وهذا ما 
يتعارض مع مبدأ فصل السلطات .
أما أصحاب الرأي الثاني : 
فيرون بأن للقضاء الحق في مراقبة دستورية التشريع فإذا وجد القاضي أن القانون غير 
دستوري امتنع عن تطبيقه وحجة هذا الرأي أن مراقبة القضاء لدستورية التشريع أمر 
تحتمه الضرورة والمنطق وإن مراقبة القضاء لدستورية التشريع أمر يدخل في حدود 
اختصاصه لأن القضاء ملزم باحترام نصوص الدستور والتشريع معاً وإن هذه الرقابة لا 
يخالف مبدأ فصل السلطات لأن السلطتين ملزمتان على السواء باحترام الدستور .
إلا أن القضاء في سوريا لا تعترف لنفسها بصورة عامة الحق في رقابة دستورية القوانين 
وقد ذهب القضاء اللبناني بالنسبة لرقابة القضاء للقانون من ناحية الموضوع إلى عدم 
إعطاء القضاء هذا الحق .
أما بالنسبة للنظام :
فيستطيع القاضي مراقبته النظام من الناحية الشكلية والموضوعية فإذا وجد بأن النظام 
غير مستوف الشروط الشكلية لا يعتد القاضي بهذا النص لأن النظام في هذه الحالة يفقد 
الوجود القانوني وبالتالي القيمة القانونية لأنه يعلق على الشروط الشكلية فإذا لم 
يتوفر أحد هذه الشروط يفقد الوجود القانوني .
كما يستطيع مراقبته من ناحية الموضوع لأن النظام يجب أن يحترم الدستور والقانون 
فإذا تبين للقاضي بأن النظام خالف الدستور أو القانون امتنع القاضي عن تطبيقه .
-وأخيراً نقول يجب على القاضي إذا وجد بأن النص غير دستوري أو غير قانوني أن يحكم 
بالبراءة كون البراءة هو الأصل واستناداً لى مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات لأن النص 
يفقد وجوده القانوني وبالتالي الفعل لا يدخل في نطاق التجريم .
رابعا: دور العرف في نطاق التجريم والعقاب :
العرف : هو القواعد التي درج الناس على إتباعها في أمورهم ومعاملاتهم والتي 
يعتبرونه بأنه ملزمة لهم من الوجه القانونية ، وبالتالي للعرف عنصران مادي ومعنوي :
العنصر المادي : وجود عادة أو تعامل بين الناس على وجه مخصوص .
العنصر المعنوي : شعور الناس بأن هذه العادة أصبحت ملزمة لهم من الوجهة 
القانونية .
والآن : نتساءل عن دور هذه المصادر في التجريم والعقاب .
من حيث المبدأ : لا يجوز اعتبار مصادر القانون ( الشريعة الإسلامية و العرف ) مصدرا 
للتجريم و العقاب و السبب في ذلك يعود إلى أن العودة إلى هذه المصادر يهدم مبدأ 
الشرعية و يؤدي إلى خلق جرائم و عقوبات لم ينص عليه القانون .

و لكن يرد على هذه القاعدة استثناءات ثلاثة :
الاستثناء الأول : عندما يعود القاضي إلى قانون غير جزائي لحل قضية جزائية , فله أن 
يعود إلى مصادر هذا القانون .مثل جريمة الزنا يعود القاضي إلى قانون الأحوال 
الشخصية للتثبت من صحة عقد الزواج وله أن يعود إلى العرف و الشريعة الاسلامية إذا 
احتاج لذلك.
وكذلك في جريمة السرقة يعود القاضي إلى القانون المدني في مسألة تحديد ملكية الشيء 
المسروق وله أن يعود إلى مصادر القانون المدني .
الاستثناء الثاني : إذا كان القاضي أمام مسألة لا سبيل لحلها بغير الرجوع إلى العرف 
.
مثل التعرض للآداب و الأخلاق العامة : حيث تحديد ركن هذه الجريمة لا يتم بغير 
الرجوع إلى العرف .وكذلك بعض العبارات الغامضة التي وردت في قانون العقوبات بحيث 
يتعذر معرفة معناها بغير الرجوع إلى العرف ومنها عبارة ( الفعل المنافي للحشمة ) 
الواردة في المواد 494و496 وعبارتي ( العمل المنافي للحياء ) و ( الكلام المنافي 
للحشمة) الواردة في المادة 506 و غيرها من العبارات الغامضة التي يتعذر معرفة 
معناها بغير الرجوع إلى العرف .
الاستثناء الثالث : عندما يتدخل العرف ليبرر فعلا جرمه القانون
مثل الظهور بملابس الاستحمام على شاطىء البحر أو في حوض السباحة.
وكذلك ختان الأولاد و الألعاب الرياضية التي يمارسها الصغار و الكبار على النحو 
الذي يقره القانون . و بذلك نقول بأن العرف يلعب دورا ثانويا و ضيقا قي نطاق 
التجريم و العقاب و إن كان يلعب دورا أساسيا في حالات الاعفاء من العقاب و لذلك 
يهدمه أن يكون غير النص التشريعي مصدرا للتجريم و العقاب ولا شأن لهذا المبدأ في 
الحالات الأخرى .


الفصل الخامس: الواجبات الملقاة على عاتق القاضي والمشرع والسلطة التنفيذية
أولا ً :الواجبات الملقاة على عاتق المشرع :
1)يجب على المشرع عندما يضع النص التشريعي أن يضعه بصورة واضحة ودقيقة لا لبس فيه 
ولا غموض .
2)ويجب أن يكون النص محدداً أي يحدد الفعل ويحدد العقوبة المقررة لهذا الفعل بشكل 
واضح ودقيق حتى لا يجد القاضي في الغموض وعدم التحديد منفذاً لتجريم ما هو مباح كما 
لو حدد المشرع جريمة دون أن يحدد العقوبة أو حدد العقوبة دون أن يبين الفعل المجرم 

مثال حدد القاضي الجريمة دون أن يحدد العقوبة . المادة 26 من قانون أصول المحاكمات 
الجزائية السوري ( من شاهد اعتداء على الأمن العام أو على حياة أحد الناس أو على 
ماله يلزمه أن يعلم بذلك النائب العام المختص ).
فهنا حدد المشرع الجريمة دون أن يحدد العقوبة فالقاضي لا يستطيع أن يبدع عقوبة من 
عنده و يفرضه من امتنع عن الإخبار ففي هذه الحالات القاضي لا يستطيع تطبيق هذه 
النصوص إلا بالخروج على مبدأ الشرعية.
3)ويجب أن يصدر هذه النصوص بأثر مباشر أي فوري أي أن حكام هذا النص لا يسري إلا على 
ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها لأن الأصل للقانون 
الطبيعي هو احترام الحقوق المكتسبة وهذا ما جاء في قانون العقوبات " لا جريمة ولا 
عقوبة إلا بناء على قانون ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي ولا عقاب إلا على الأفعال 
اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون " .


4)ويجب على المشرع أن يحترم قاعدة عدم رجعية القوانين وعدم الرجعية يعني أن نص 
التجريم لا يسري إلا على الأفعال المرتكبة بعد لحظة نفاذه وبالتالي فهو لا يسري على 
الأفعال المرتكبة قبل هذه اللحظة وتستند هذه القاعدة على نصوص صريحة في قانون 
العقوبات 
لا تفرض عقوبة ولا تدبير احترازي أو صلاحي من أجل جرم لم يكن القانون قد نص عليه 
حين اقترانه " .
وهذه القاعدة هي نتيجة طبيعية لقاعدة قانونية الجرائم و العقوبات لأن تطبيق القانون 
على الوقائع المرتكبة قبل نفاذه قضاء على هذه القاعدة لأن مبدأ الشرعية يضمن حقوق 
الأفراد وحرياتهم وبالتالي انعدام الأثر الرجعي يعتبر من الأصول الجوهرية في النظام 
القانوني التي يجب على المشرع مراعاتها وبالتالي لا يجوز المخالفة لا بصورة صريحة 
ولا ضمنية ، ولكن يوجد استثناء على هذه القاعدة وهو القانون الأصلح للمتهم حيث جاءت 
في الفقرة الثانية في المادة السادسة من قانون العقوبات 
" ومع ذلك إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو 
الذي يتبع دون غيره "
ولهذا الاستثناء ما يبرره لأن المشرع عندما يلغي عقوبة أو يقرر عقوبة أخف لأنه وجد 
في العقوبة السابقة ما لا يتمشى مع العدالة ولا يحقق مصلحة الأفراد ومصلحة المجتمع 
فيلجأ إلى تخفيفها أو إعفائها لأن المقصود من العقوبة ليس الانتقام وإنما إصلاح 
المجرم . 
5)يجب على المشرع عندما تسن القوانين مراعاة قانونية الجرائم والعقوبات سواء في 
تعيين العناصر التي تكون هذه الجريمة أو في تعيين العقوبات التي تترتب عليها أو في 
تحديد القواعد التي تنفذ هذه العقوبات بمقتضاها .



ثانيا ً : الواجبات الملقاة على عاتق القاضي :
إن واجبات القاضي ينحصر في تطبيق القانون و تفسيره و تقيد بمبدأ عدم الرجعية.
تطبيق القانون : يجب على القاضي أن يلتزم بتطبيق القانون كما وضعه السلطة التشريعية 
و يترتب على ذلك عدة نتائج :
1- لا يجوز للقاضي اعتبار فعل من الأفعال جريمة إلا إذا نص القانون عليه فهو لا 
يستطيع أن يعتبر الربا جريمة استنادا إلى الشريعة الإسلامية طالما أن المشرع لم ينص 
عليه . 
2 - لا يجوز للقاضي الحكم بعقوبة لم ينص عليه القانون كما هو الحال في المادة 26 من 
قانون أصول المحاكمات الجزائية 
3 - ولا يجوز للقاضي أن يستبدل العقوبة المنصوص عليها في القانون بعقوبة أخرى لم 
ينص القانون عليها كأن يستبدل عقوبة الغرامة بالحبس والاعتقال بالإشغال الشاقة 
تفسير النصوص :فالقاضي حينما يحاكم المدعى عليه في جرم جزائي ويريد تطبيق نص قانوني 
ليه 4- ثم يجد أن هذا النص غامض فإنه يجتهد في تفسيره ضمن حدود ألفاظه ومعانيه 
للوصول إلى إرادة المشرع الحقيقية .
5 - عدم رجعية القوانين : يجب على القاضي أن يلتزم بهذه القاعدة بالتالي لا يطبق نص 
التجريم إلا على الأفعال المرتكبة بعد صدور هذا النص و قاعدة عدم الرجعية هي نتيجة 
لقاعدة مبدأ الشرعية لأننا إذا طبق النص الجديد على أفعال مرتكبة قبل صدوره نكون قد 
خرقنا مبدأ شرعية الجرائم و طبقنا القانون الجديد على فترة زمنية لم يكن فيها .



ثالثاً : الواجبات الملقاة على عاتق السلطة التنفيذية :
يجب على السلطة التنفيذية أن لا تلجأ إلى التشريع إلا في الحالات المحددة له وفقاً 
للدستور لأن اختصاصها في مجال التشريع مقيد واستثنائي ولذلك لا يجوز لها إصدار 
النظام في غير المجال المحدود لاختصاصها أي لا يجوز للسلطة التنفيذية أن تجرم غير 
أفعال تدخل في المجال التي تباشر فيه اختصاصها التشريعي المحدود .
هل تدخل التدابير الاحترازية في نطاق مبدأ الشرعية :
على الرغم من أن المشرع يستهدف من التدابير الاحترازية الوقاية الاجتماعية لا 
الجزاء وهو مجرد إجراء علاجي يستفيد منه المحكوم عليه ، فلا يمكن تجريد التدابير 
الاحترازية من الإيلام وإن كان غير مقصود ، فبعض التدابير الاحترازية تصل إلى حد 
سلب الحرية ولذلك يجب على الشارع أن يحدد التدابير ويحدد ماهية كل منها حتى لا يكون 
وسيلة استغلال بيد القضاة ، ولكن التدابير لا يطبق بالصورة الجامدة التي عرفناها في 
نصوص التجريم والعقاب ، وذلك لأن المشرع ينص على التدابير الاحترازية دون أن يقرر 
تدبير محدد لكل جريمة وإنما يترك للقاضي الحرية في أن يختار من بين التدابير التي 
نص عليها الشارع ما يكون مناسباً للجرم .
ونقول بأن التدابير الاحترازية تدخل في مبدأ الشرعية بحيث لا يستطيع القاضي أن يحكم 
بغير التدابير المنصوص عليه في القانون


الفصل السادس : نتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات
تترتب على مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات نتيجتان :
1 - الأولى تتعلق بتحديد مصادر التجريم والعقاب 
2 - والثانية تتصل بتفسير النصوص الجزائية .
النتيجة الأولى : هنا نقول يترتب على مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات النتائج 
التالية :
أولا : لا يسوغ للقاضي اعتبار فعل .جرما إلا إذا نص القانون صراحة على ذلك و معنى 
هذا ؟أنه لا يجوز للقاضي أن يستند في الإدانة على القواعد الاجتماعية أو القواعد 
الأخلاقية أو القواعد الدينية .
ويجب عليه أيضا أن يلتزم بجميع عناصر التجريم و شروطه الواردة في النص فلا يستطع أن 
يهمل عنصرا أو شرطا بحجة أنه قليل الأهمية أو لا أهمية له إطلاقا أو أن عدم الأخذ 
به يحقق العدالة أو المصلحة العامة أو مصلحة المتضرر .
ثانيا : لا يسوغ للقاضي الحكم بعقوبة لم ينص القانون عليها فمثلا المادة 26 من 
قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري ( من شاهد الاعتداء على الأمن العام أو على 
حياة احد الناس أو على ماله يلزمه أن يعلم بذلك النائب العام المختص ) هنا المشرع 
حدد الجريمة دون أن يحدد العقوبة فالقاضي لا يجوز له أن يبتدع عقوبة من عنده و 
يفرضه على من يمتنع عن الإخبار طالما المشرع لم ينص على هذه العقوبة .
ثالثا : لا يسوغ للقاضي أن يستبدل بالعقوبة المنصوص عليها في القانون عقوبة أخرى لم 
ينص عليها القانون للجريمة المعينة.كأن يستبدل الاعتقال بالأشغال الشاقة أو الغرامة 
بالحبس كما لا يجوز له أن يخفف العقوبة أو يرفعها إلا ضمن الحدود التي نص عليها 
القانون .

الفصل السابع : تفسير النصــوص الجزائيـــة
أولاً : أنواع التفسير : من حيث المصدر 
1 - التفسير التشريعي:ويكون ذلك عندما يصدر عن المشرع الذي سن التشريع الأصلي 
تشريعاً آخر لتفسيره ويسمى " القانون التفسيري " حين يرى بأن الضرورة تدعو لذلك. 
و التفسير التشريعي قد يرافق النص نفسه حين يرى المشرع ضرورة وضع التعريفات أو 
تفسير بعض العبارات أ المصطلحات القانونية مثل : تعريف المؤامرة في المادة 260من 
قانون العقوبات السوري و والتسول في المادة 596 , و التشرد في المادة 600.
وقد يأتي التفسير لاحقا لقانون عندما يكون التطبيق قد كشف غموضه و يرى المشرع أن من 
واجبه التدخل لإزالة هذا الغموض . ويعتبر هذا القانون التفسيري بمنزلة التشريع نفسه 
الذي يراد تفسيره وجزءً منه ولذلك التفسير التشريعي هو أكثر أنواع التفسير أهمية 
وقوة من الوجه القانونية وإن كان أسلوب نادر في القانون الجنائي ومتى صدر قانون 
تفسيري فهو ملزم للقاضي كالتزامه بأي قانون آخر . و من هنا يأتي الفرق بين القانون 
التفسير الذي يأتي لإزالة غموض النص وبين القانون التكميلي الذي يسنه الشارع يقصد 
إكمال نص كشف التطبيق عن التطبيق عن قصوره فالنص التفسيري يعتبر جزءا لا يتجزأ من 
النص المفسر و يخضع لجميع أحكامه أما النص التكميلي فهو نص مستقل تطبيق عليه 
القواعد القانونية العامة . 

2 - التفسير القضائي :هو أكثر أنواع التفسير شيوعاً وأشدها أهمية من الوجهة العملية 
وإن يكن من الوجهة القانونية أدنى مرتبة من التفسير التشريعي ، وهذا التفسير هو 
الذي يصدر عن القضاء في معرض تطبيقهم للقواعد التشريعية أي في معرض القضية المعروضة 
أمام القضاء من أجل هذه القضية فقط حيث أن التفسير القضائي ليس له الصفة الإلزامية 
إلا بالنسبة للقضية التي صدر من أجلها . أي أن التفسير الذي صدره محكمة من المحاكم 
غير ملزم إلا في القضية التي فصل فيها ومن الجائز مخالفته وتبني تفسير معاكس له في 
القضايا المماثلة سواء من قبل المحاكم الأخرى أو من قبل المحكمة نفسها التي أصدرت 
التفسير الأول هذا هو الأصل إلا أن في الواقع تكون مقيداً برأي المحاكم العليا وعلى 
المخصوص محكمة النقض .
وهذا ما نجده في سوريا و بعض الدول العربية الأخرى حيث أن الأحكام محكمة النقض 
والنص و الاجتهادات الصادرة عنها أهمية كبيرة في تفسير و تطبيقه و خاصة إذا تواترت 
و تأكدت حيث أن الكثيرة من القضاة يتجهون إلى تبني آراء محكمة النقض مدفوعة بالتزام 
أدبي لا ينكر أثره في حين تذهب بعض الدول كما في انكلترا إلى أن قرارات بعض المحاكم 
لها قوة ملزمة في القضايا المماثلة و هي قد تنشىء قواعد لها قوة القانون المحاكم . 
3 - التفسير الفقهي :هو الذي يصدر عن الفقهاء وذوي الاختصاص في القانون المطروحة في
كتبهم و مباحثهم المنشورة , بغية تحليل النصوص القانونية و شرحها ضمن إطار النظرات 
العامة و المبادئ الأساسية التي قررها المشرع .
ولقد لعب فقهاء القانون دورا أساسيا في تفسير الشرائع الوضعية و إيضاح غموضها و رفع 
الالتباس عنها كما لعبوا دورا أساسيا في تطوير التشريع في البلاد و كثيرا ما دفعوا 
المشرع لإصدار المشرع قوانين جديدة , تزيل غموض النصوص القانونية القديمة و عيوبها 
أو تضيف جرائم أو عقوبات جديدة أو تعدل من عناصر التجريم والعقاب .
إلا أن الفقه في أغلب الشرائع الوضعية و منها القانون السوري ليس له قوة ملزمة من 
قبل المحاكم . 
متى يجوز التفسير :
التفسير يكون في حالة غموض النص أو نقصه فالنص إما أن يكون غامضاً وإما أن يكون 
ناقصاً .
1 - النص الغامـــض :
ويعتبر النص مشوباً بالغموض أو الإبهام فيما إذا كان عباراته غير واضحة كل الوضوح 
بحيث يحتمل التأويل والتفسير وبحيث يمكن أن يستنتج منها أكثر من معنى واحد وبالتالي 
يجب على القاضي الجنائي أن يؤوله ويبحث عن معناه الحقيقي الذي قصده الشارع مثله مثل 
القاضي المدني تماماً ويستطيع أن يستعين بكل طرق التفسير المنطقية واللغوية بحيث 
يستطيع أن يرجع إلى الأعمال التحضيرية والمذكرات الإيضاحية للقانون إلى النصوص 
السابقة وللقاضي المصري فوق ذلك يستطيع أن يسترشد بمقارنة النص العربي بالنص 
الفرنسي لأن كل منهما يكمل الآخر .
2 - النقص والسكوت :
ويعتبر أن هنالك نقصاً في النص فيما إذا جاءت عباراته خالية من بعض الألفاظ التي لا 
يستقيم الحكم إلا بها أو إذا أغفل التعرض لبعض الحالات التي كان يفترض أن ينص عليها 
في هذه الحالات يجب على القاضي الجزائي أن يحكم بالبراءة لأنه لا يستطيع أن يمتنع 
عن الفصل في الدعوى بحكم ينهي الخصومة المعروفة أمامه لأن امتناعه عن الحكم يوقعه 
تحت طائلة العقاب وكذلك لا يستطيع أن يعتبر المتهم جانياً استناداً إلى مبدأ لا 
جريمة ولا عقوبة إلا بنص القانون . وبذلك يختلف القاضي الجزائي عن القاضي المدني .
فالقاضي المدني يجب عليه أن يفصل لمصلحة المدعي أو المدعي عليه ولا يجوز له أن 
يمتنع عن الفصل فيها بحجة سكوت المشرع بل يجب عليه أن يلجأ إلى التفسير بطريق 
القياس أو إلى تطبيق المصادر الأخرى العرف قواعد الشريعة الإسلامية .


ثانياً : أنواع التفسير من حيث النتيجة : 
قد يكون مقرراً أو مقيداً أو مفسحاً :
1يكون مقرراً : إذا كانت عبارات النص واضحة بحيث يفهم معناه منه ويؤدي إلى استظهار 
غرض الشارع .
2- يكون مقيداً أو مفسحاً : عندما تقصر ألفاظ النص لدلالة على غرض الشارع قد تفيد 
هذه الألفاظ أكثر مما أراده الشارع عندئذ يجب أن يكون التفسير مقيداً وعلى العكس قد 
تنطوي الألفاظ في الظاهر على أقل مما أراده الشارع في هذه الحالة يجب أن يكون 
التفسير مفسحاً فيحيط بجميع أغراض الشارع مثل : م (98 ) من قانون العقوبات " يعاقب 
بالحبس كل من علم بوجود مشروع لارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد 78 
– 89 و 90 و 91 و 92 و 93 و 94 من هذا القانون ولم يبلغه إلى السلطات العامة " .
فظاهر هذا النص يدل على أن كل شخص علم بأن هناك مشروع لارتكاب جريمة من هذه الجرائم 
يجب أن يبلغ السلطات العامة بغض النظر عن الوسيلة التي علم بها سواء كان عن طريق 
الصحافة أو عن طريق التلفاز ولكن هذا معنى غير مقصود عقلاً .
في هذه الحالة لابد أن نضيف من تفسير النص ليتفق غرض الشارع لأن الأخبار عن مشروع 
ارتكاب جريمة ليس له الأهمية إلا إذا كانت خافية عن عامة الناس .
أما التفسير المفسح :
إن نصوص القتل العمد يدل في ظاهرها على أن القتل لا ترتكب إلا بوسيلة إيجابية فالأم 
التي تمتنع عن إرضاع طفلها بقصد قتله فهي لا تعاقب بجريمة قتل العمد ولكن ليس هذا 
الغرض أراده الشارع حيث أن الشارع يحمي حق الإنسان في الحياة سواء تم ذلك بنشاط 
إيجابي أو بنشاط سلبي .
ولا يقف تفسير المفسح عند هذا الحد مثال فإذا كان القانون يشترط لعدم مساءلة 
السكران أن يكون قد أخذه قهراً أو دون إرادته فمعنى ذلك إذا أخذا باختياره لا يعفيه 
من المسؤولية . أي أن النص قد يتضمن حكماً لحالة معينة في الظاهر ويكون قصره على 
هذه الحالة غير مقصود .


مراحل التفسير :
لتفسير النصوص الجزائية مرحلتين هما : تحليل ألفاظها وتحديد علتها :
1 - تحليل ألفاظ النص :
النص يتكون من الألفاظ ولذلك لابد للمفسر أن يعلم بمدلول كل لفظ ولذلك تكون أولى 
خطوات التفسير هي الكشف عن مدلول كل لفظ على حدى ، في هذه الحالة يلجأ المفسر إلى 
اللغة ليبحث عن المعنى الذي أعطاه اللغة لهذا اللفظ وقد يكون هذا المعنى هو الذي 
أراده الشارع وقد لا يكون المعنى الذي أراده الشارع لأن المشرع أحياناً يريد من بعض 
الألفاظ مدلولاً اصطلاحياً خاصاً ، في هذه الحالة يجب على المفسر أن يبحث في اللغة 
القانون بحيث يستطيع أن يبحث في تاريخ النص ويحدد مصدره التاريخي ويسترشد بالظروف 
التي أوجدت النص ويستطيع أن يقارن هذا النص بالنصوص الأخرى المتصلة به أو يقارنه مع
التشريعات الأجنبية ولاسيما إذا كان مصدراً له .
2 - تحديد علة النص :
يستهدف الشارع من النص غرضاً معيناً هو كفالة التنظيم القانوني لموضوع معين ويحدد 
هذا الغرض الأحكام التي يتضمنها النص .
فالقانون يهدف إلى حماية حقوق معينة يرى المشرع بأنها جديرة بالحماية الجزئية 
وبالتالي إذا حدد المفسر هذا الحق بدقة يستطيع أن يحدد أركان الجريمة التي بالعقاب 
عليها يحمي هذا الحق 
مثال:ففي جريمة القتل يحمي المشرع حق الإنسان في الحياة وبالتالي إذا استطاع المفسر 
أن يحدد هذا الحق بدقة " حق الحياة " يستطيع أن يحدد أركان هذه الجريمة ويستطيع 
معرفة بأن كل فعل يؤثر على هذا الحق سواء كان بنشاط إيجابي أو سلبي يعد جريمة قتل .
في هذه الحالة يجب على المفسر أن يهتدي بالعلة العامة للنظام القانوني وأن يحدد 
للنص وظيفته الاجتماعية في نطاق التنظيم القانوني العام لأن كل نص هو جزء من النظام 
القانوني للدولة وأن له وظيفة التي يساهم بها في الوظيفية العامة للتنظيم القانوني 
لأن هذا التفسير الذي يصل إليه المفسر قد يتعارض مع نص آخر في هذا القانون .

* فيما يخص التفسير يمكننا أن نتساءل هل يخضع تفسير النصوص الجزائية لقواعد خاصة :
لقد تعددت الاتجاهات في هذا الشأن :
فذهب الرأي الأول : إلى أن تفسير النصوص الجزائية يجب أن يكون ضيقاً ( أي يجب على 
القضاة أن لا يتوسعوا في تفسيره ) وهذا الرأي يستند على مبدأ شرعية الجرائم 
والعقوبات لأن القاضي كلما توسع في نطاق تفسير النصوص الجزائية أدى ذلك إلى امتداد 
نطاق التجريم والعقاب على الأفعال الذي لم يجرمها القانون ولم يقرر من أجلها عقاباً 
.
بينما ذهب الرأي الثاني: إلى أن التفسير يجب أن يكون في حدوده الضيقة ضد مصلحة 
المدعى عليه وواسعاً لمصلحته وحجتهم في ذلك بأنه لا يخالف مبدأ الشرعية .
ولكن هذا الكلام غير صحيح فعندما نطلب أن يكون التفسير ضيقاً فمعنى ذلك أن يكون 
حرفياً وبالتالي وضع قيود على النشاط الذهني للمفسر وبالتالي يكون تفسيره ترديداً 
لعبارات الشارع في صيغ مختلفة كما أن النص في هذه الحالة لا يستطيع مواكبة 
المستجدات على الساحة الواقعية والاجتماعية .
أما القول بأن التفسير يجب أن يكون واسعاً في مصلحة المدعى عليه يمكن الرد عليه 
بأننا جعلنا من التفسير هدفاً في ذاته في الوقت الذي يجب أن يكون التفسير حسب ظروف 
الجريمة وشخصية المدعى عليه كما أنه يؤدي في بعض إلى إعفاءه من العقاب وهو شخص خطر 
على المجتمع .


قيـــــــــود التفســير 
يقيد التفسير في القانون الجزائي قاعدتان : قاعدة التفسير لبضيق للنصوص الجزائية و 
قاعدة حظر القياس في النصوص الجزائية .
القاعدة الأولى : التفسير الضيق للنصوص الجزائية : 
إن القاضي الجزائي مقيد بقاعدة التفسير الضيق للنصوص الجزائية و ذلك بخلاف القاضي 
المدني حيث يتمتع القاضي بحرية واسعة في تفسير النصوص المدنية فهو يلجا إلى القياس 
و مفهوم المخالفة و قواعد اعرف لكي يصل مقصد الشارع من النص أما القاضي الجزائي يجب 
أن يتقيد بالنص فلا يتوسع في تفسيره فيخلق جرائم و عقوبات غير منصوص عليها ولا يجوز
له مراعاة العرف إلا في الحالات الاستثنائية التي أشرنا إليها كما أنه لا يجوز 
إطلاقا تطبيق مبادىء القانون الطبيعي و قاعد العدالة .
القاعدة الثانية : خطر القياس في النصوص الجزائية :
القياس هو إلحاق ما لا نص فيه بما فيه نص في الحكم المنصوص عليه لاشتراكهما في علة 
الحكم فالقياس إذا وسيلة للتوسع في تطبيق النص على حالات مماثلة لم ينص المشرع 
صراحة عليها و هذا معناها خلق جرائم جديدة لم ينص القانون عليها وبالتالي الخروج 
على مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات و لهذا فقد اتجهت أكث التشريعات الحديثة إلى عدم 
الأخذ بالقياس في القضايا الجزائية و هذا ما نجده في سورية ,حيث الاتجاه السائد في 
القانون والقضاء و الفقه هو رفض القياس كليا سواء أكان لصالح المتهم أو في غير 
مصلحته .
ولذلك جاء في المادة الأولى من قانون العقوبات ( أنه لا تفرض عقوبة من أجل جرم لم 
يكن القانون قد نص عليه حين اقترافه ) وقررت محكمة النقض السورية ( فإنه لا مساغ 
للقياس في الأمور الجزائية ) . وقررت محكمة التمييز الفرنسية ( لا يجوز لقاضي أن 
يسعى عن طريق القياس إلى إكمال نقص القانون و توقيع العقاب في غير الحالات التي نص 
عليها الشارع .
و أخيرا نقول بأن القياس يجب ألا يصل إلى حد خلق جرائم وعقوبات و يجب على المفسر أن 
يقف في بحثه عمد الحد الذي يتبين له فيه بأن تفسيره قد يجرم الأفعال غير المنصوص 
عليها في القانون و يؤدي التسليم بهذا القيد إلى حظر القياس على من يفسر نص التجريم 
و بالتالي القاضي لا يستطيع أن يقيس فعل غير منصوص عليه على فعل منصوص عليه مهما 
كان هناك تشابه بين خصائص الفعلين , فالقاضي لا يستطيع أن يقيس على وسائل لاحتيال 
التي نص عليها الشارع في المادة 655 من قانون العقوبات وسيلة لم ينص القانون عليها 
, ولكن يجب الانتباه إلى أن حظر القياس يكون فقط في نطاق التجريم و العقاب لأن حظر 
القياس يستند على مبدأ الشرعية و بالتالي يمكن اللجوء إلى القياس في تفسير نصوص 
الإعفاء و أسباب التبرير و التخفيف .
مثال : نص الفقرة (أ) من المادة 185 من قانون العقوبات المتعلقة بإباحة تأديب 
الأولاد من قبل آباءهم حيث لا يوجد ما يمنع من تطبيق هذا النص بطريق القياس على 
الأم و الوصي .
ونص المادة 320 من قانون العقوبات الذي يعفي من العقاب من كان في حالة جنون حيث 
يمكن تطبيقه بطريق القياس على المصاب بالصرع أو بمرض اليقظة في النوم أو المنوم 
مغناطيسيا إذا ارتكب أحد هؤلاء جريمة أثناء فقده كامل وعيه و حرية اختياره .
هل يفسر الشك لمصلحة المدعى عليه :
قلنا إذا كان النص غامضاً فيجب على القاضي الجنائي أن يؤوله ويبحث عن معناه الحقيقي 
الذي قصده الشارع وله أن يستعين في ذلك بكل طرق التفسير المنطقية واللغوية . ولكن 
أحياناً يكون الوصول إلى قصد الشارع مستحيلاً في هذه الحالة " الشك يفسر لمصلحة 
المدعى عليه " والمجال الرئيسي لتطبيق هذه القاعدة هو الإثبات فإذا تعادلت أدلة 
الإدانة مع أدلة البراءة فيجب على القاضي أن يحكم بالبراءة لأن البراءة هو الأصل 
والبراءة قائمة على اليقين والإدانة قائمة على الشك واليقين يتقدم على الشك .

خــــــــــــــــــــــــاتمـة
على الرغم من الانتقادات الموجهة لمبدأ الشرعية إلا أنه مازال صامداً إلى وقتنا 
الحالي ويجد تطبيقاً له في كثير من الدول بل اعتبره بعض الدول من المبادئ الدستورية 
ونص عليه في دساتيرها .
نظراً للأهمية العملية لهذا المبدأ سواء بالنسبة للأفراد أو للقضاء فأما بالنسبة 
للأفراد تمثل هذا المبدأ إنذار مسبق للعلم بالأفعال المجرمة والعقوبة المقررة لها 
وبالتالي ترك الحرية للأفراد بإتيان الأفعال الغير منصوصة عليه . أما بالنسبة 
للقضاء فإنهم يجدون في مبدأ الشرعية الأساس القانوني لتجريم الأفعال وتحديد 
العقوبات . فضلاً على أنه أفضل حل لمنع تسلط القضاة في الأحكام .
المراجع :
1 - قانون العقوبات - القسم العام – ( د. عبود السراج ) .
2 - شرح قانون العقوبات اللبناني ( د. محمود نجيب حسين ) .
3 - قانون العقوبات العام المصري ( د. محمود محمود مصطفى ) .
4 - الموسوعة الجنائية – الجزء الخامس – جندي عبد الملك .
5 - الموسوعة الجنائية- الجزء الخامس – ( د. جندي عبد الملك ) .
6 - مجلس أوربا – المعاهدات الأوربية لحماية حقوق الإنسان ( دار العلم للملايين ) .
7 - حقوق الإنسان في الوطن العربي ( حسن جميل ) .
تمت بحمد الله
علي حمادة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق