الاثنين، 4 يونيو 2012

الشباب والليبرالية


بسم الله الرحمن الرحيم


الشباب والليبرالية





الاسم : عبدالله محمود عبدالله البدوي

العمر : 32 سنة

مكان الاقامة : الخليل _ مخيم العروب

الاتصال : 0599771478











الشباب والليبرالية
أنا كشاب فلسطيني نشأتُ في بيئة مليئة  بالتعدي على الحدود والحريات وسلب الحقوق وقتل الأطفال والشيوخ وأسر الشباب والشابات وهدم البيوت واغتصاب الأرض وقلع الشجر وقتل الحيوان من جهة . ومن جهة اخرى كثرة الأحزاب السياسية وكثرة الأفكار الغربية والشرقية، وكثرة المذاهب الفقهية والعقدية وكثرة الأفكار الدينية واللادينية .
وكل منهم يدّعي
انه يسعى الى تحقيق العدالة الإجتماعية، والتكافئ في تحصيل الفرص والعدل في كسب الرزق وتوزيعه بالتساوي، والحرية في اختيار من يمثله والحرية في إنتقاء أفكاره والحرية بإختيار معتقده .
عندما ينشئ الشاب بين هذه التوجهات والأفكار والعصبيات المذهبية والدينية واللادينية، يصبح في خليط ذهني، ويذهب للبحث عن فكر يوافق الحق والمنطق ويملئ القلب طمأنية .
خصوصاً بعدما سقطت ورقة التوت عن المتدينين يهود و مسحيين ومسلمين، الذين امتطوا الدين ليصلوا الى مآرب شخصية في أنفسهم .
صار الشاب يبحث عن فكر أو دين أو مذهب يلبي له إحتيجاته الإنسانية والمعيشية وتُشعره أنه من بني البشر !! يعني
أنه يستطيع أن يقول لا أو نعم بكل حرية, وتكون  له حرية الإختيار في كل شي, إلا أنه لم يجد حقه في حرية إختياره رغم كثرة دور العبادة من كنائس ومساجد ورغم كثرة رجالات الدين من حاخامات ورهبان ومشايخ .
رغم أنّ الله استخلفهم في هذه الأرض وإعطاهم القدسية والطاعة, إلا أن جُل همهم وإهتماهم هو المحافظة على مناصبهم ومكانتهم البرجوازية , ونرجسيتهم العالية ؛ فلم ينتبهوا لتحقيق العدل بين الناس، وإعطائهم حرياتهم، ولم يدعوهم أن يمارسوا حقوقهم الإنسانية كما أمرهم الله في جميع كتبهم وشرائعهم السماوية ! تركوا ذلك خلفهم ظهرياً، وانتبهوا لحرياتهم وتحقيق مطامعهم ! مما أدى إلى كشفهم لكل الناس فلم تعد حيلهم بإسم الدين تنطلي على الشاب المثقف الذي يحكّم عقله والمنطق السليم في فهم الحقائق الدينية والدنيوية.
فكان لابدّ من البحث عن فكر جديد يحقق له كل حقوقه وآماله وأحلامه , كأي فرد في مجتمع يؤمن بتحقيق العدالة الاجتماعية، فلم يرى أمامه إلا الذهاب إلى من ينادي بتلك الحقوق والمفاهيم.
فمن الأفكارالمطروحة التي كانت تنادي بما كان يبحث عنه كل إنسان حر منطقي مفكر باحث عن الحقيقة ألا وهي " الليبرلية " فهذي هي نبذة عن الليبرالية ورجالاتها. الليبرالية:-  مصطلح مشتق من الكلمة اللاتينية ليبر بمعنى حر, وهي مذهب ينادي بالحرية الكاملة، وهي نمط فكري كغيره من الأفكار السياسية, تشكلت وتبلورت عبر قرون ثلاث حيث ابتدأت من القرن السابع, وكان من أبرز المساهمين في تشكّل وتبلور افكارها "جون لوك 1632 – 1778" و"آدم سميث 1732 - 1790" و"جيري بنثام 1748 – 1732" وغيرهم الكثير، أما ذكري لهؤلاء لأنهم أول من ابتدأ الفكرة, فالمصدر الأول للفكر الليبرلي يعدو في جذوره إلى أفكار جون لوك الذي كان يدعو لفكرة القانون الطبيعي :- ويعني ذلك لأفراد المجتمع حقوق طبيعية تحكم أنهم من بنى البشر, مثلاً كحرية التعبير والملكية وحرية الفكر والإجتماع.
وهذه الفكرة كانت سبباً لقيام الثورات في القرنين السابع والثامن عشر, كالثورة الإنجليزية 1688 والأمريكية 1773 والفرنسية 1789 وتبلورت معالمها في القرن التاسع عشر.
وعندما نشأت فكرة الليبرلية كانت تتمثل بالفكر الإقتصادي الحر, الحرية الإقتصادية ويعني:- عدم تدخل الدولة في أي نشاط إقتصادي, وللدولة حدود ولا يجب أن تتجاوزها, وسُمّي "المذهب الطبيعي" ويعني :- "أن الطبيعة البشرية تحترم الحرية, فمن الطبيعي أن يتمتع الإنسان بحريته بكل شي, ومن ضمن ذلك النشاط الإقتصادي, فكانت سعادة البشرية من خلال سعي كل فرد لتحقيق مصلحته الذاتية"
إلى أن جاء آدم سميث وعبّر عن هذا المضمون بشعار "دعه يعمل دعه يمر" ولقّد نظّر لهذه الأفكار في كتابه " ثروة الأمم الصادر 1776" وكما تصدّى لشرحها دافير ريكاردوا في كتابه " الاقتصاد السياسي الصادر 1817"  وكانت المصدر الثاني.
أما المصدر الثالث فكانت أفكار المدرسة النفعية, أول من نظّر لهذه الفكرة جيري نبثام وقد شرحها بوضوح في كتابه " نبذة عن الحكم الصادر 1776" ومختصر هذه الفكرة أنها تؤسس قواعد الدولة والقانون على أساس نفعي.
يقول بنثام "
الحياة يسودها سيدان هما الألم واللذة, فهما وحدهما اللذان يحددان ما يتعيّن فعله أو عدم فعله, فيترك الفرد حراً في تقرير مصلحته بداعٍ من أنانيته, وسعياً وراء اللذة, واجتنباً للألم, والمحصلة هي حياة إجتماعية أكثر سعادة, وفقاً لمبدأ أعظم سعادة لأكبر عدد كمبدأ أخلاقي جديد لتميّز بين الخير والشر".
ومن جملة القيم التي تؤمن الليبرلية بها الحرية وهي التي كانت سبباً في تسميتها, وبعضهم قال أن الليبرلية هي التعبير الحقيقي عن الإيمان بالحرية, فضمان الحرية والتحرر وعدم وجود أي قيود أو موانع تعيق حركة الإنسان ونشاطه.
فكل ما كان متعلق بالإنسان من ممارسة الإنسان لحقوقه الطبيعية كان أساساً من  أساسها ومذهب من مذاهبها.
 ومن القيم الهامة والأساسية ايضاً الفردية :- فالفرد هو الأساس, فواجب الدولة والمجتمع حماية إستقلاليته وتأبير الطريق أمامه لتحقيق كيانه وذاته, وأن يختار كل ما يريد متى يريد، وهذه مختصر النظرة لفكرة الليبرالية عن طريق رؤية غربية.
أما من نظرة عريبة فسوف نعرض لكم بعض من ذهبوا لدول أوروبا من العرب لإكتساب الثقافة الغربية ورجعوا لنا بثقافة جديدة تناسب الحداثة والمدنية. والذي أدى إلى ذهابهم للتعرف على الثقافات والحضارات الأوروبية هو ما شاهدوه من ثقافة وفكر, لا كفكرهم وثقافتهم وذلك عندما كانت الحملات الإستعمارية على الدول العربية فشعروا في الفارق الحضاري, وخير مثال "الحملة الفرنسية على مصر 1789 - 1801" عندما قام نابليون وأحضر معه جمعاً من العلماء بشتى العلوم, كما أحضر معه مطبعتين عربية والأخرى فرنسية, وأنشئ مختبراً ومتحفاً ومرصداً ومسرحاً ومجمعاً علمياً.
وايضاً ما قام به "محمد علي بإرسال بعثة في عام 1813" أرسل الطلاب إلى بلاد مختلفة في أوروبا لتعلم فنون شتى؛ العسكرية والهندسية وبناء السفن وتواصلت الإبتعاثات إلى الدول الأوروبية طوال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين, وكان لذلك دوراً واضحاً في قبول بيئة التحدّث الأوروبية وظهور ثمارها على المجتمع.
مما أدى إلى فتح الباب بمصراعيه أمام كل شاب يريد الحداثة والحضارة والتطور, أدى فيه إلى الذهاب إلى تلك البلاد والإنتهال من نبع الليبرلية الأورويبة وترجمتها للعريبة, وكانت في ميادين مختلفة كالعلوم الطبية والطبيعية والرياضية والمواد الأدبية والإجتماعية والقوانين الفرنسية, وكان من رواد تلك البعثات الشيخ رفاعة الطهطاوي فقد ساهم الشيخ رفاعة في تعريف القارئ على إتجاهات الفكر الإجتماعي والسياسي في فرنسا من خلال نشره لعدد من الكتب كان أبرزها
"تخليص الأبريز في تلخيص باريز " أو " الديوان النفيس بإيوان باريز 1834"  كما ألف كتاب في آخر حياته يمثل النضوج الفكري للطهطاوي " مناهج الألباب المصرية في مناهج الأداب العصري 1869" وترجمة الدستور الفرنسي الذي سماها "الشرطة "وكتاب روح القوانين "لمونتسيكيو", ووثيقة حقوق الانسان والعقد الإجتماعي لروسو وكثير من الكتب التي تنادي بالقيم والمبادئ الليبرلية.
وبرز ايضاً مع الطهطاوي كل من أحمد فتحي الزغلول الشقيق الأكبر للزعيم المصري سعد زغلول 1863 - 1914 وأحمد عثمان 1898, فقد قدموا للمكتبة العربية كتب سياسية وأخرى إجتماعية ذات توجيهات ليبرالية أوروبية واضحة.
وكان لتطور الطباعة دوراً كبير في النشاط الثقافي وخاصة في ميادين الترجمة والنشر بل وفي ميادين الصحافة ايضاً, ولا شك أن للصحافة دور كبير في نشر الثقافة الأوروبية, وكان في مقدمته مجلة الجامعة العثمانية في بيروت التي أصدرها فرح أنطون 1874 - 1922 و مجلة المقتطف في بيروت التي أصدرها يعقوب صروف 1852 - 1927 وفارس نمر 1854 - 1951  و مجلة الهلال في القاهرة أصدرها جورج زيدان.
ساهمت هذه المجلات في التعريف بالمذاهب العلمية والفلسفية والفكرية والأدبية, يقول اسماعيل مظهر صاحب الفضل الكبير في تطور الفكر العلمي في مصر أنها كانت نقطة التحول في الفكر المصري الحديث, ومن أبرز الصحف التي حملت راية الليبرالية وكانت لسان حال حزب الأمة ذو التوجيهات الليبرالية وهي جريدة الجريدة 1907 التي كان رئيسها أحمد لطفي السيد فيلسوف النيل الليبرالي ومنظّره, وعلى صفحاتها برزت عدد أكبر رموز التيار الليبرالي مثل طه حسين ومحمد حسين هيكل وعباس محمود العقّاد ومحمود عزمي ومحمد عبد القادر والشيخ مصطفى عبد الرزاق, وثمة هنالك رجال لابد من الإشارة إليهم لما كان لهم دوراً هام في تبني الدعوة إلى الحرية والأفكار التحررية والدستورية, وكان يدعونا للإستفادة من منجزات الغرب ومكافحة الإستعمار والإستبداد والظلم, وكان يطلق على هذه الحركة حركة الإصلاح، وكان زعيم هذه الحركة جمال الدين الأفغاني، ولد في أسد أباد 1839 بعد ما نفاه الخديوي عن مصر, ذهب إلى باريس وفيها أصدر العروة الوثقى مع تليميذه محمد عبده ولد في مصر 1849 وكان من مؤسسين لمدرسة إسلامية تنويرية, تدعو إلى التوفيق ما بين الإسلام وحركة المدنية الحديثة, راح يعمل في ميادين الإصلاح الديني والإجتماعي والتربوي, وساهم ايضاً في إصلاح الأزهر والقضاء.
 ومن المدافعين عن الحرية والعدالة والمساواة والتي كانت سبباً في محاكمته وهجرته إلى مصر هو عبدالرحمن الكواكبي 1848- 1902 ولد في حلب وكان من محاربين الإستبداد والظلم والقهر.
ومن تلاميذ محمد عبده الذين كانوا يدعون للتحرر " قاسم امين " وكان يسعى لتحرر المرأة من كل القيود التي تحيط بها, وله كتابان " تحرير المرأة " و"المرأة الجديدة ".
وأحمد لطفي السيد 1872 - 1693  وكان خلافاً لما أصّله شيخه محمد عبده, فقد استبعد الإسلام كتشريع وكمرجعية من مصدره الفكري وكان مُولعاً بالفلسفة اليونانية, وترجم بعض مؤلفات ارسطو وكان معجب به جداً لدرجة عندما يذكر ارسطو أمامه يقول رضي الله عنه, فأطلق على الليبرالية أسم مذهب الحريين ونادى بجعل هذا المذهب أساساً للنظام السياسي والاجتماعي، ومن تلاميذه محمد حسين هيكل 1888 - 1956 و كان من المعجبين بالثقافة الأوروبية بكل تجلياتها وساهم في صياغة الفكر الليبرالي في مصر وكان من اجرأ من عبّر عن أفكاره التمدنية الليبرالية.
ولا يسعني في هذا المقام أن لا أذكر الدكتور طه حسين 1889 - 1973 كان من أبرز دعاة الليبرالية والتحديث في تلك المرحلة وقد سخر جهوده الفكرية والأدبية والسياسية لخدمة الفكر الليبرالي الغربي الذي آمن به.
 
ومن الذين آمنوا بالديمقراطية الليبرالية عباس محمود العقاد 1889 - 1964  وكان مدافعاً عن الحرية متصدياً للإشتراكية والشيوعية.
وأخر من نريد التكلم عنه هو رمز من رموز الليبرالية اسماعيل مظهر 1891 - 1962  وهو صاحب فكرة إنشاء حزب الفلّاح 1929 بهدف حل مشاكل الفلّاح المصري.
وثمة هنالك الكثير ممن حملوا فكر الليبرالية ودعوا إليه ولكن لا يسعنا في هذا المقام ذكرهم كلهم. وما ذكرناه كان من أبرز دعاتها.

هذه الليبرالية وهؤلاء هم دعاتها وهذا ما له مساحة في عقولنا فقط، واتمنى ان يكون له وجود حقيقة على أرض الواقع.
عندما رحبوا دعاة العرب بالليبرالية وأصبحو ينظّرون لها, كان من أجل إسترجاع ما فقد عند العرب من الحداثة والتطور المدني, إلا أن التخلف والبطالة والركود في النمو الاقتصادي لايزال موجودا، وزيادة الفقر وسوء توزيع الدخل نراه بكل وضوح، والثروة القومية التي هي حق في التوزيع بشكل متساوي على كل فرد أو أن يعود مردودها بمنفعة على المجتمع بأسره, أم على الصعيد السياسي فقد كثرة الأحزاب اليمنية المتطرفة والمحافظة المتعصبة والفاشية والنازية والدينية الساذجة.
فمن رأى ليبرالية هنا أو حرية هناك في وطننا العربي فليهرع ويدلنا عليها !



إن الكثير الكثير من الافكار لا وجود لها بالواقع، وتبقى افكاراً في اذهاننا ننظّر لها, ونجادل بها, لا من أجل التغيير في المجتمع، بل من أجل السجال والترف الفكري.

وحقيقة الليبرالية هذه من كتاب لي أسمه " الفائق في الحقائق " نصفه مخطوط والنصف الأخر بقي في ذهني تتسرب منه المعلومات إلى سلة المهملات مع مرور الزمن.
والذي منعني من إكماله فشل طباعة كتاب وضعته في نقد الحديث والمحدثين، الذين جروا البلاء على هذه الأمة، وسلبوها بتلك الأحاديث إردتها وحريتها وحقوقها، من أجل أنها " مقدسة " بزعمهم أن النبي قائل تلك الأحاديث! ولا يزال الكتاب  حبيساً بين دفتيه, مع أنني أكاد أجزم أنه لا يوجد ثمة كتاب بقيمته العلمية، في إعادة النظر في المخزون الثقافي والإسلامي, رغم إرساله الى وزراة الثقافة الفلسطنية، فكان ردهم أن الأولوية للمخطوطات التاريخية، فعلمت بأنهم ليسوا بمهتمين ! إذ أرادوا أن يحيوا أموات ويميتوا أحياء, ولا ننقص من قيمة التاريخ فمن لا ماضٍ له لا حاضر ولا مستقبل له ولكن يجب أن تكون الأولوية بحسب القيمة العلمية.
فهل من ملبي لنداء الإغاثة وإخراج هذه الأفكار من الموت إلى الحياة إذا كان ثمة هنالك بقايا من حرية، أما آن لإصحاب العقول النيرة أن يجدوا جهة تقدّر جهودهم وتساعدهم على قطف ثمار أفكارهم في زمن أصبح فيه قمع كل مفكر أو أي أحد يحاول التفكير أو أن يُعمل عقله باي مسألة, وعدّها جريمة لا تغتفر، وجل دعمهم للفنانين والرياضين، ولا نقلل من قيمة الفن والرياضة ولكن نتمنى أن نحظى ببعض الدعم والرعاية الذي يقدم لهم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق