الخميس، 26 أبريل 2012

عدم دستورية التعديلات على المادة 4/ب من مشروع قانون الاحزاب المنظور امام مجلس النواب"



مجلس النواب السادس عشر في جلسته لمناقشة قانون الاحزاب المعدل قد صوت على تعديل المادة 4 / ب من ذات القانون بالاغلبية , وجاء التعديل كالاتي : " أنه "لا يجوز تأسيس الحزب على أساس ديني أو طائفي أو عرقي أو فئوي"،

ومن خلال متابعة ما دار من نقاش تحت قبة البرلمان , استطيع ان ادون ملاحظاتي كمراقب قانوني ,

الملاحظة الاولى : ان الباعث من تعديل هذا القانون هو باعث سياسي بحت , الا وهو اقصاء حزب جبهة العمل الاسلامي من الحياة الحزبية كعملية رد فعل لاتهامات وجهت لمجلس النواب ولتجميد نشاط الحركة الحزبي , وذلك كان ضمنياً عندما صدر عن النائب ممدوح العبادي بمقارنة القانون مع القوانين المختلفة العربية التي لكل منها علة لا نقبل التسليم بها في الاردن , مثال تونس عندما صدر قانون الاحزاب الذي جاء بنص مماثل ويقصي الحركة الاسلامية في ظل حكم الرئيس السابق زين العابدين , والقانون المصري ايضاً , والقانون السوري على حد تعبير النائب ممدوح العبادي , وللتاكيد على هذه الملاحظة ما صدر عن نائب عبد القادر الحباشنة عندما كان يعلق على مشروع القانون بقوله " اصلا لا يوجد الا حزب ديني واحد ويجب ان نكون حذرين من ذلك " لكنه لم يُسمع من البقية , علماً ان الاردن تختلف عن بقية الدول العربية في البنية الاجتماعية والسياسية, لذلك فمن غير المقبول اطلاقاً ان نعرض مسالة حساسة فقط لانه الدول العربية تنص على مادة مماثلة في قوانينها وعلى فرض وجود هذا النص فاننا نحمل الدولة اعباء وحساسية نحن في غنى عنها وخصوصاً في الوقت الراهن هذا من ناحية الباعث .

الملاحظة الثانية : لا يمكن التسليم بما ورد عن مجلس النواب في التعديل الوارد من ناحية دستورية , وكيف يعقل هذا التعديل وكيف يقبل مع عدم المؤامة والانسجام مع مواد الدستور التي تمثل رأس الهرم التشريعي وخصوصاً المادة 6/1 من الدستور الاردني والتي تنص على ان " الاردنيون امام القانون سواء لا تمييز بينهم بالحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق او اللغة او الدين " فان هذا القانون بنص بالمادة الرابعة /ب وعلى فرض التسليم به فان النص يعد غير دستوري , ونص الدستور صريح واضحاً ولا نحمل النصوص اكثر مما تحتمل في التاكييد على مبدأ المساوة بغض النظر عن الدين .

الملاحظة الثالثة : الدستور ينص في المادة الثانية :" الاسلام دين الدولة " , وأن الطرح الذي تقدم به مجلس النواب يُدخلنا الى ابواب العلمانية التي تفصل الدين عن السياسة , وطرح المادة بالصيغة الواردة اعلاه يتجاهل بشكل واضح المادة الثانية من الدستور , مما يعني ضمنياً التاثر بالثقافة العلمانية للشعوب الغربية التي ورثتها الانظمة العربية وعلى ضوء هذا التأثر ادُخلت تعديلات على قوانين الاحزاب التابعة لها , مما ادى الى معارضة حقيقة قد ازالت الحكم في تونس ومصر الى الان .

الملاحظة الرابعة : الدستور الاردني قد كفل في المادة 16 انشاء الاحزاب السياسية" للأردنيين حق تأليف الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية على أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف أحكام الدستور" . وهذه الشروط وردت على سبيل الحصر , وتعتبر المرجعية العامة والمشرع محكوم بها في اصدار وتنظيم قانون الاحزاب , وبالتعديل الجديد لم تراعى هذه المادة , فالحزبية كما يقول الدكتور احمد الشناق " فالحزبية في الأردن كحق دستوري ألزم الدولة باتاحة الحرية للأراء أن تتعدد حول ادارة و رعاية الشؤون العامة و التمتّع بهذا الحق الأصيل , و هذا يعني عملياً وواقعياً وجود تشكيلاتٍ سياسية للأكثرية و تشكيلات سياسية للأقلية , باختصار وجود أكثرية و معارضة,ان الصفة الأساسية لأي تشريع لقانون هي العمومية و التجرد و لا يجوز أن يكون القانون مجرد حلول لمسائل و حالات فردية محددة "

في الختام : اتمنى لو يتم تلافي هذا الامر , وان لا يصوت عليه مجلس الاعيان , لانه يمثل مخالفة صريحة للدستور الاردني الذي يمثل المرجعية العامة للقوانين .