الأحد، 3 يونيو 2012

التفتيش والضبط


المساس بالسر الخاص ( التفتيش والضبط )



الحق في السر الخاص 

ألاصل أن لكل شخص الحق في الحفاظ على أسراره الخاصة , فلا يجوز لأي كان ان يتعرض لهذا الحق بأي شكل من ألاشكال , وقد كفلت ذلك إعلانات حقوق ألانسان المختلفة ودساتير وقوانين كثير من الدول , وهذا ما أعتمد عليه مشرعنا في سوريا : فجاءت مواد الدستور على عدم جواز تحري احد (28\2) وعلى حرمة المساكن وعدم جواز دخولها وتفتيشها (31) وعلى كفالة سرية المراسلات البريدية وألاتصألات السلكية (32) وتطبيقاً لذلك عاقب قانون العقوبات في نصوصه المختلفة على خرق حرمة المنازل ( 557 , 558) وعلى إفشاء ألاسرار (565 ,566 , 567 ) وبهذه الحماية القانونية والدستورية للأسرار الخاصة يغدو كل شخص آمناً مستقراً في حياته الخاصة بحيث يتمكن من المساهمة الجادة في شتا مجألات الحياة ألاجتماعية .

بيد ان وقوع الجريمة يورث اضطراباً اجتماعياً مما يؤدي إلى نشوء حق للدولة في معاقبة فاعلها .

لكن هذا الحق لا يقتضى ألا من خلال محاكمة عادلة للمتهم أعمألا للمبدأ الدستوري القائل بأن كل متهم بريء حتى تثبت أدانته بحكم قضائي مبرم ( المادة 28\1) , وهي قرينة قانونية من شأنها ان تضع في يد المتهم سلاحاً قوياً للدفاع عن نفسه . فكان لابد ان تعطى الدولة التي اضطرب حبل أمنها سلاحاً موازياً لتعيد ألامور إلى نصابها بإثبات حقها في العقاب , فيأتي قانون أصول المحاكمات الجزائية لتحقيق هذا التوازن بين قرينة البراءة وبين حق الدولة في اثبات الجريمة بإقرار بعض ألاجراءات التي تمس هذا الحق في الحفاظ على ألاسرار الخاصة بغية ضبط أدلة الجريمة , هذه ألاجراءات هي التفتيش وضبط ألاشياء والمراسلات البريدية والبرقية ومراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية 





التفتيش 

تعريف التفتيش 

هو عمل من أعمال التحقيق ألابتدائي يتم بقصد البحث عن أدلة الجريمة التي وقعت , فيؤدي إلى المساس بحق الشخص في الحفاظ على أسراره عن طريق تحري شخصه أو مكانه الخاص

وبما أن التفتيش إجراء خطير يمس الحرية الشخصية ويكشف أستار الحياة الخاصة فـأن المشرع قد أجازه بعد ان أحاطه بشروط وضمانات , من حيث سببه ومحله والسلطة التي تقوم به وشروط تنفيذه . حتى لا يساء استعماله فيغدو عملاً تعسفياً باطلاً مع كل ما نتج عنه من أثار .



سبب التفتيش 

بالنظر إلى ما تقدم بيانه من أهمية التفتيش وخطورته فـأنه يشترط للأذن به ما يلي :

1- وقوع الجريمة لا يجوز ألامر بالتفتيش ألا بصدد جريمة قد وقعت فعلاً وفتح فيها تحقيق , وهو شرط مستقى من طبيعة التفتيش كعمل من أعمال التحقيق ألابتدائي الذي لا يبدأ ألا بصدد دعوى مقامة أصولاً وهو أمر لا يعقل تحققه بالنسبة لجريمة لم تقع بعد , فأذن التفتيش المفتوح الصادر على بياض يعد عملاً باطلاً لا اثر له . وقد أشارت إلى هذا الشرط المادة 89 من قانون أصول المحاكمات الجزائية ( 1- لا يجوز دخول المنازل وتفتيشها ألا أذا كان الشخص الذي يراد دخول منزله وتفتيشه مشتبهاً به بأنه فاعل جرم أو شريك أو متدخل فيه أو حائز أشياء تتعلق بالجرم , أو مخف شخص مدعى عليه .2- أن دخول القاضي احد المنازل في حال عدم توافر الشروط المذكورة آنفاً يعتبر تصرفاً تعسفياً من شأنه فسح المجال للشكوى من الحكام )) بيد انه لا يشترط لإجراء التفتيش ان يكون مسبوقاً بعمل أخر من أعمال التحقيق ألابتدائي , بل يجوز ان يكون هو أول عمل يفتتح به هذا التحقيق , كأنه يجريه المحقق اقتناعاً منه بضرورته بعد اطلاعها على محضر التحقيق ألاولي الذي قامت به الضابطة العدلية 

2- ان تكون الجريمة جناية أو جنحة : لابد وأن يكون سبب التفتيش وقوع جريمة من نوع جناية أو جنحة , وهو شرط لم ينص عليه القانون صراحةً ولكنه واضح من ورود المادة 89 في فصل قضاة التحقيق ,وهؤلاء لا يحققون ألا في الجنايات والجنح . اما المخالفات فيبعث بها مباشرة إلى المحكمة بدون تحقيق وهي فضلاً عن ذلك قليلة ألاهمية بحيث لا تبرر خرق حرمة ألاسرار الخاصة 

3- أن تكون هناك أدلة قوية : حول جرمية الشخص المطلوب تفتيشه أو تفتيش مكانه الخاص على ما جاء في المادة 89 من قانون ألاصول الجزائية , اذ يتوجب عدم التسرع بالتفتيش قبل التوثق من وجود شبهة حقيقية تستلزم ذلك 

4- أن يكون التفتيش لجمع ألادلة : لا يكفي لأجازة التفتيش وقوع جناية أو جنحة وإقامة الدعوى العامة , بل لابد فوق ذلك ان يكون المقصود من التفتيش هو جمع أدلة هذه الجريمة 

5- أن تكون هناك فائدة من التفتيش : أي أن إجراء التفتيش قد يعود بالفائدة على التحقيق ,ويصبح عملاً تعسفياً ان كان لا يرجى منه أي نفع . وقد ذكرت الشرط المادة 90 عندما نصت على انه ( يحق لقاضي التحقيق ان يقوم بالتحريات في جميع ألامكنة التي يحتمل وجود أشياء فيها يساعد اكتشافها على ظهور الحقيقة )) والمادة 94\1 التي جاء فيها ( لقاضي التحقيق ان يفتش المدعى عليه ,وله ان يفتش غيره أذا اتضح من إمارات قوية أنه يخفي أشياء تفيد في كشف الجريمة )) بيد ان تقدير الفائدة المرجوة من التفتيش يعود لسلطة قاضي التحقيق يمارسها تحت إشراف محكمة الموضوع 

ماهية التفتيش 

يقوم جوهر التفتيش على انه عمل من أعمال التحقيق ألابتدائي فلا يؤذن به ألا بعد وقوع الجريمة وإقامة الدعوى بصددها , وهو يتم رغم أرادة صاحب الشأن وبقصد ضبط ألادلة . وماهية التفتيش هذه تجعله مختلفاً ومتميزاً عن بعض الصور من ألاجراءات ألادارية التي تتم قبل وقوع الجريمة كالتفتيش ألاداري , أو التي تتخذ بعد ذلك ولكنها لا تعتبر من قبيل التفتيش موضوع البحث كالتفتيش الوقائي والتفتيش برضاء صاحب الشأن .

التفتيش الوقائي 

يختلف القبض المادي عن القبض القانوني ومثال الاول ما ورد النص عليه في المادة 112 من قانون الاصول الجزائية من انه من وجد في حالة الجرم المشهود أو ماهو في حكمه وكان الفعل جناية فلا يحتاج القبض عليه الى مذكرة احضار , وعلى كل شخص من موظفي الحكومة وعامة الناس أياً كان أن يقبض عليه وان يحضره امام النائب العام . وفي هذه الحالة يجوز تفتيش المقبوض عليه وقاية له ولغيره بغية تجريده مما قد يكون معه من سلاح او اية مادة ضارة 

التفتيش الاداري

وهو ليس تفتيشاً بالمعنى القانوني الدقيق , لأنه لايتم بغرض ضبط ادلة جريمة قد وقعت واقيمت الدعوى بصددها , بل يتخذ بهدف الكشف عن الجرائم تقوم به السلطة الادارية ,لذا فهو في هذه الحالة يعد أجراء ادارياً بحتاً , ومثاله تفتيش العمال عند مغادرتهم من المصنع . والبحث الذي تقوم به الضابطة الادارية تنفيذاً لما نصت عليه القوانين والانظمة : كالتحريات الدائمة التي تقوم بها دائرة حصر التبغ لدى الزراع والباعة , وما تتخذه الضابطة البلدية من اجراءات توطيد الامن وحفظ النظام ومراعاة القواعد الصحية التي تخولها دخول الابنية مسكونة كانت ام غير مسكونة بقصد الكشف عن مخالفة القوانين والانظمة البلدية وازالتها , ومثلها تحريات الضابطة الجمركية بهدف ضبط المخالفات التي تقع بهذا الشأن .

التفتيش برضاء صاحب الشأن :

التفتيش بالمعنى القانوني هو عمل تحقيقي فيه مساس بحرمة الأسرار الخاصة , فأذا تم برضاء صاحب الشأن فأنه لايعد تفتيشاً بالمعنى الدقيق طالما ان هذا الشخص قد رضي من تلقاء نفسه برفع الحصانة عن حقه في الحفاظ على اسراره , ويغدو هذا الاجراء مجرد أطلاع او معاينة , مما لا يستقيم معه بعد ذلك دفع صاحب الشأن بعدم صحته لعدم توافر الضمانات التي احاطها المشرع بالتفتيش .



محل التفتيش 

يرد التفتيش حيثما توجد الاسرار الخاصة , فلا يعد تفتيشاً مجرد الاطلاع على اشياء معلنة للجمهور , فمحل التفتيش اذن هو مستودع السر , وهذا يتمثل في الشخص ذاته او في مكانه الخاص .



تفتيش الاماكن : قد يرد التفتيش على المنازل او غيرها من الاماكن الخاصة 

ويقصد بالمنزل : كل مكان مسكون او معد للسكنة مأهولاً كان ام غير ذلك ,. فهو كل مكان يخص شخص من الاشخاص ليس مباح للجمهور بل معد بطبيعته للاقامة ليلاً ونهاراً لمدة طويلة او مؤقتة : كالمسكن الخاص والفندق 

ويأخذ حكم المسكن ملحقاته المتصلة به كالحديقة والمرأب والمخزن وحظيرة الدواجن

ويقصد بالمكان الخاص كل مكان لايباح للجمهور دخوله بغير تمييز , كعيادة الطبيب ومكتب المحامي 

كما ان المحلات العامة كالمقاهي والمستشفيات ودور السينما والمتاجر وما اليها تأخذ حكم الاماكن الخاصة في تطبيق احكام التفتيش في الاوقات التي لايباح للجمهور دخولها , كما ان دخولها قاصر على المكان الذي يسمح للجمهور بالدخول اليه 



تفتيش الاشخاص 

نصت المادة 94\1 على انه (( لقاضي التحقيق ان يفتش المدعى عليه , وله ان يفتش غيره اذا اتضح من امارات قوية انه يخفي اشياء تفيد في كشف الحقيقة )) وعلى ذلك فأن التفتيش قد يرد على جسم الشخص بالتفتيش في فمه او في ثناياه 

وقد يرد على ملابسه أو على مايوجد مع من امتعة أو اشياء في جيبه أو في يده



السلطة المختصة بالتفتيش 

التفتيش عمل من اعمال التحقيق الابتدائي , وعلى ذلك فأن قاضي التحقيق هو المختص باجرائه ولكن قد تقوم به النيابة العامة أو الضابطة العدلية في احوال استثنائية او بناءً على انابة من قاضي التحقيق .

فيملك قاضي التحقيق سلطة اجراء التفتيش في جميع الجرائم المشهودة منها وغير المشهودة 

جناية كانت ام جنحة .وفي جميع الامكنة (المادة 90 ) وبالنسبة لجميع الاشخاص المدعى عليه او غيره (94\1)

بينما لا تملك النيابة العامة والضابطة العدلية سلطة اجرائه الا استثناءاً :

فيجوز لها في الجنايات المشهودة أن تفتش المدعى عليه ومنزله ومكان وقوع الجريمة ( 29,33,46) اما في الجنح الشهودة فليس لها سوا تفتيش المقبوض عليه .

اخيراً يجوز لقاضي التحقيق وفقاً لما نصت عليه المادة 101 أن ينيب احد قضاة الصلح في منطقته أو قاضي تحقيق اخر لاجراء التفتيش في الامكنة التابعة للقاضي المستناب , وله ايضاً ان ينيب بذلك احد افراد الضابطة العدلية . 



شروط التفتيش 

ثمة بعض الشروط الشكلية للتفتيش التي لابد من توافرها واهمها : 

1- اعلام النيابة العامة : نصت المادة 95\1 على ان يعطي قاضي التحقيق النيابة العامة علماً بأنتقاله الى موقع الجرم أو بقيامه بالتفتيش لمرافقته ان شاءت ,واعلام النيابة العامة بالتفتيش واجب في جميع الجرائم مشهودة ام غير مشهودة .

2- اصطحاب الكاتب لتنظيم المحضر : كررت المادة 95 \2 ما سبق للمادة 55 أن قررته من حكم مفاده ضرورة ان يصطحب قاضي التحقيق معه كاتب دائرته أو مستناباً عنه أثناء قيامه بالتفتيش . وهو واجب ملقى أيضا على عاتق النيابة العامة والضابطة العدلية عندما تقوم بالتفتيش في جناية مشهودة (38) ويستتبع ذلك تدوين ضبط ماتم من معاملات تحقيقيه يوقع عليه القاضي والكاتب 

3- حضور المدعى عليه تفتيش منزله : تطبيقاً للقاعدة العامة التي وردت في المادة 70 والقائلة بأن للخصوم ووكلائهم الحق في حضور جميع أعمال التحقيق ماعدا سماع الشهود , جاءت المادتين 91 و92 تنصان على اجراء معاملات التفتيش بحضور المدعى عليه موقوفاً كان ام غير موقوف . وهو ايضاً تكرار لما جاء في المادة 36 بصدد دعوة المدعى عليه لحضور التفتيش الذي تجريه النيابة العامة او الضابطة العدلية . فاذا لم يكن المدعى عليه موقوفاً فانه يدعى لحضور التفتيش قبل اجرائه مباشرة , اذ لا ينبغي أعلامه مقدماً خوفاً على تأثيره على مجريات التحقيق . فان رفض المدعى عليه الحضور بعد دعوته أو تعذر عليه ذلك او كان موقوفاً خارج المنطقة التي يحصل التفتيش فيها جرت المعاملة بحضور وكيله اذا كان الفعل جناية ,فإذا لم يكن له وكيل او لم يمكن احضار هذا الوكيل في الحال عين قاضي التحقيق وكيلاً لحضور هذه المهمة . وهذه الأحكام تنطبق على التفتيش الذي تقوم به النيابة العامة او الضابطة العدلية , مع فارق وحيد , وهو في حال عدم وجود وكيل عن المدعى عليه يتم التفتيش أمام اثنين من أفراد عائلته وألا فبحضور شاهدين يستدعيهم النائب العام (المادة36 )وكان حرياً بالمشرع توحيد ذلك . وعلى كل حال تطبيقاً لنص المادة 70\3 فأنه يحق لقاضي التحقيق أجراء التفتيش بمعزل عن الأشخاص المذكورين وذلك في : 1 – حالة الاستعجال 2- او متى رأى ضرورة ذلك لإظهار الحقيقة , ولكن يجب عليه عند انتهائه من عملية التفتيش أن يطلع عليه المدعى عليه . 

4- حضور الغير تفتيش منزله : اذا وجب أجراء تفتيش في مكان خاص بغير المدعى عليه دعي هذا الشخص لحضور ذلك ) فأن كان غائباً او تعذر عليه الحضور جرى التفتيش امام اثنين من افراد عائلته الحاضرين في مكان التفتيش وألا فبحضور شاهدين يستدعيهما قاضي التحقيق المادة 93 

5- تفتيش الأنثى : أذا كان الشخص المراد تفتيشه أنثى وجب أن يتم ذلك بمعرفة أنثى تندب لهذا الغرض (المادة 94\2) وهو أجراء واجب تحت طائلة البطلان فيما اذا اقتضى التحقيق تفتيش الأنثى في جسمها او في ملابسها حتى لا يمس حيائها , أما تفتيش مافي يدها او ما تحمله معها من اشياء فهو جائز القيام به من قبل مفتش ذكر .

6- وقت التفتيش : سكت قانون أصول المحاكمات الجزائية عن تحديد الوقت الذي يجوز فيه أجراء التفتيش . والأصل ان تفتيش الأماكن الخاصة يكون نهاراً, فلا يجوز دخولها ليلاً الا في حالة الحريق والغرق والاستغاثة , ويرجع ذلك الى ضرورة المحافظة على راحت السكان في مثل هذا الوقت المخصص للسكينة والنوم , و يكتفى في غير الحالات المذكورة ترصد المكان حتى الصباح , ولكن اذا بدأ بالتفتيش نهاراً ولم ينتهي حتى هبوط الظلام جاز الاستمرار فيه 

وفي رأينا : انه يجوز أجراء التفتيش ليلاً في حالة الجناية المشهودة أذا كان شأن الانتظار ضياع الأدلة



ثانيا الضبط

تعريف الضبط 

أن التفتيش ليس غاية في حد ذاته بل هو أجراء يستهدف البحث عن أدلة الجريمة , فهو وسيلة للوصول الى غاية محددة هي الضبط . فالضبط أذن هو : الطريقة القانونية التي تضع سلطة التحقيق بواسطتها يدها على جميع الأشياء التي وقعت عليها الجريمة أو نتجت عنها او استخدمت فيها او كانت معدة لاقترافها . كالأسلحة والأشياء المسروقة والثياب الملوثة بالدم وغير ذلك من الأشياء التي يمكن ان تكون مدار استدلال على ارتكاب الجريمة والتي قد تؤيد التهمة الموجهة الى المدعى عليه أو تؤيد براءته . 

وقد سوى المشرع بين التفتيش والضبط من حيث الأحكام الناظمة لهما مع ملاحظته لبعض الأحكام الخاصة بالضبط على ما سيأتي 



ضبط الأوراق : تقدم ان المشرع يصون حق الإنسان في الحفاظ على أسراره . فإذا ما وجدت أوراق او وثائق خطية محرزة كالرسائل الشخصية وكان من شأنها ان تؤيد التهمة أو البراءة فأن القانون لم يسمح لاين كان برؤيتها , بل حدد أصحاب الحق في الاطلاع عليها وذلك قبل اتخاذ القرار بضبطها (المادتان 34\2, 97\1) وهم

1- النيابة العامة عندما تتولى البحث عن الأوراق .

2- قاضي التحقيق صاحب الاختصاص الأصيل بالتحقيق الابتدائي .

3- موظف الضابطة العدلية المستناب للقيام بالتفتيش باعتباره يمثل قاضي التحقيق في العمل المناب له , فلا يجوز لأعضاء الضابطة العدلية في غير أحوال الإنابة الاطلاع على هذه الأوراق .

4- يتم هذا العمل بحضور واطلاع المدعى عليه , فإذا تعذر حضوره تم ذلك أمام وكيله أو أمام اثنين من أفراد عائلته او أمام اثنين من الشهود يستدعيهما المحقق



ضبط المراسلات ومراقبة المحادثات الهاتفية : 

يجوز ان يضبط لدى مكاتب البريد كافة الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود , ولدى مكاتب البرق كافة الرسائل البرقية ,كما يجوز لقاضي التحقيق مراقبة المحادثات الهاتفية متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة ( المادة 96)

ومهما كانت الجهة التي قامت بضبط هذه الأشياء فأن قاضي التحقيق وحده هو الذي له الحق في الاطلاع عليها حال تسلمه إياها في غلافها المختوم , فيحتفظ بالرسائل والبرقيات التي يراها لازمة لأطهار الحقيقة او التي يكون أمر اتصالها بالغير مضرا بمصلحة التحقيق , ويسلم ما بقي منها الى المدعى عليه 

او الأشخاص الموجهة إليهم . وينبغي ان ترسل أصول الرسائل والبرقيات المضبوطة جميعها او بعضها أو صورة عنها الى المدعى عليه او إلى الشخص الموجهة أليه في اقرب مهلة مستطاعة الا اذا كان لأمر اتصالها بهما مضرا بمصلحة التحقيق ( المادة 97\3و4)

على ان كفالة حق الدفاع تقضي بان لا تنصرف سلطة ضبط المراسلات ومراقبة المحادثات الهاتفية الى اتصال المدعى عليه بمحاميه , فجميع الرسائل والبرقيات والمحادثات التي تدور بين الاثنين لايجوز ضبطها أينما وجدت , سواء أكانت لدى المحامي او لدى المدعى عليه , او في مكاتب البريد او البرق او لدى الغير . 



قواعد حفظ المضبوطات : 

نظم القانون بعض القواعد التي يلزم أتباعها لضبط الأشياء وتحريزها ثم فض الحرز عنها . وهي كما يلي 

1- عرض المضبوطات على المدعى عليه : اذا ضبطت بعض الأشياء التي تفيد في كشف الحقيقة وجب على السلطة التي قامت بذلك عرض هذه الأشياء على المدعى عليه , او على من ينوب عنه للمصادقة والتوقيع عليها , فأن امتنع صرح بذلك في المحضر (المادتان 32\2, 36\3)

2- تحريز المضبوطات : من اللازم ان يعنى بحفظ المضبوطات بالحالة التي كانت عليها , فتحزم او توضع في وعاء اذا اقتضت ماهيتها ذلك , وتختم في الحالتين بخاتم رسمي . (35\1)

3- فض الحرز: مثلما اشترط القانون عرض الأشياء والأوراق على المدعى عليه أو من ينوب عنه بعد ضبطها , اشترط كذلك بأن لا تفض الأختام ولا تفرز الأوراق المضبوطة من قبل قاضي التحقيق الا في حضور المدعى عليه او وكيله , ولا يتم ذلك في غيابهما الا اذا دعيا وفقاً للأصول ولم يحضرا , كما يدعى ايضاً كل من جرت المعاملة عنده لحضور هذا الاجراء ( المادة 97\2)



التصرف في المضبوطات : 

يقضي قانون الأصول الجزائية بالاحتفاظ كل ما كان ذلك لازماً للكشف عن الحقيقة ولسير عملية التحقيق , واذا كان اتصالها بالمدعى عليه أو بالغير مضراً بمصلحة التحقيق 

اما اذا كانت المضبوطات ليست كذلك فلا داعي للاستمرار بضبطها بل تعاد الى أصحابها , ولكل من يدعي حقاً على الشيء المضبوط ان يطلب الى قاضي التحقيق ان يرده له , فأن رفض طلبه كان على المستدعي ان يستأنف قرار الرفض الى قاضي الإحالة الذي يمكنه ان يستمع اليه اذا رأى ضرورة لذلك (المادة 98) .

اما الأشياء التي لا يطلبها أصحابها في ميعاد ثلاث سنوات من تاريخ انتهاء الدعوى تصبح ملك للدولة بغير حاجة للاستصدار قرار بذلك (المادة 99) .

واذا الشيء المضبوط مما يتلف بمرور الزمن او يستلزم حفظه نفقات تستهلك قيمته , جاز لقاضي التحقيق ان يأمر ببيعه بطريق المزاد العلني متى سمحت بذلك مقتضيات التحقيق , وفي هذه الحالة يكون لصاحب الحق فيه ان يطالب في الميعاد المذكور من قبل بالثمن الذي بيع فيه (100)

أما الأوراق النقدية التي لا يستوجب الأمر الاحتفاظ بها بالذات لاستظهار الحقيقة أو لحفظ حقوق الطرفين أو حقوق الغير جاز للمحقق ان يأذن بإيداعها صندوق الخزينة (المادتان 35, و97\5) 

ويمكن للقاضي الحكم للمدعي الشخصي بناءً على طلبه بالأشياء المضبوطة من أصل ما يتوجب له من عطل وضرر وبمقدارهما 

ومن البديهي الإشارة الى ان أحكام رد الأشياء المضبوطة لا تنصرف إلى الأشياء التي يكون صنعها او اقتنائها او بيعها او استعمالها غير مشروع , كالمواد المخدرة , فهذه تصادر مصادرة عينية , بصرف النظر عن مالكها , وحتى ان لم تفضي الملاحقة الى حكم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق